الاردن : ارحموا من في الارض ..بائعو الارصفة مثالا
لا اجد حرجا البتة في الحديث عن بائعي الارصفة ، أو ما اصطلح عليهم اصحاب البسطات ، تلك الفئة المغبونة من خارج الحيتان منذ اقرار قانون الضريبة ، بعد أن لاحظت تركيزا غير عادي من قبل الحكام الاداريين والبلديات عليهم وعلى بسطاتهم التي تطعم ابناءهم ، حيث يتم ملاحقتهم ومصادرة بضاعتهم واحيانا توقيفهم .
لا يجادل اثنان في ان دافع الضريبة وصاحب الترخيص من ارباب العمل واصحاب المحلات يتضرون من بائعي البسطات الذين لا يدفعون ضرائب ولا بدل تراخيص ، وبالتالي فإن بضاعتهم ارخص كثيرا من بضاعة زيدت تكاليفها ، ولكن هذا يكون عادلا لو كانت الدولة مطلعة بدورها الدستوري ومنفذة لروح الدستور ونصه في ايجاد فرص عمل للاردنيين الذين يبيتون على الطوى .
لا يريد احد ان يصدق بأن الكاميرات التي سيتم نصبها على ارصفة شوارع المحافظات كما قال احد الحكام الادريين في الشمال ، غايته مراقبة اصحاب البسطات وحماية المحلات التجارية ، والاهم : " المحافظة " على المنظر الحضاري للمدن " كما علق احد المحافظين " .. قلنا : لا يريد احد تصديق ذلك لأن اغلب ما يباع على هذه البسطات هو بين امرين : إما مواد استهلاكية رخيصة وجامدة ، وإما ملابس وما شاكلها على الاغلب ، وإذا اخذنا الامرين على محمل الجد ، فإن من حق المواطنين الذين تلهبهم الضرائب ان يجدوا بضاعة رخيصة سواء على الارصفة او حتى في الحدائق العامة .
في كل دول العالم ، هناك باعة " بسطة " .. صحيح أن تلك البسطات تكون مرخصة ، ولكن المهم ، بل والاهم ، أن الدولة هناك لم تأل جهدا في توزيع وايجاد فرص العمل بعدالة بين المواطنين ، وإذا اخذنا تصريح ترامب الأخير مثالا عن انه وفر خمسة ملايين فرصة عمل ، فإنه يتحدث عن عموم الولايات المتحدة ، وليس عن ابن فلان وبنت علنتان .
من حق العاطل عن العمل ان تجد الدولة له عملا ، واذا لم تفعل ذلك ، فليس من حقها مصادرة بضاعته ، وهنا فقط تصبح البسطة في حكم المضطر شأنها شأن الدم والميتة ولحم الخنزير .
ارحموا من في الأرض .. !.
د.فطين البداد