عن استفتاء موسيقى سيارات توزيع الغاز في الأردن
بعد أن أكل الاردنيون وشربوا حتى أبشمهم الزاد وما لذ وطاب من ثمرات النخيل والأعناب و"هداة البال" وانعدام الفقر والبطالة إلخ .. ها هي هيئة تنظيم قطاع الطاقة والمعادن تطرح استفتاء على موقعها الالكتروني وتطلب من المواطنين ابداء رأيهم بالموسيقى " المنبعثة " من سيارات توزيع الغاز ، بحيث يكون على المواطن الذي يرغب بالمشاركة أن يبدي رأيا واحدا من ثلاثة آراء : إما موافقته على الابقاء على صوت الموسيقى ، وإما طلب الغاز عن طريق التطبيق الذكي ، وإما عن طريق الهاتف .
شيء غريب كما يعلق البعض ، إذا علمنا بأن سبب هذا الاستفتاء هو معرفة تأثير ذلك على البيئة في الأردن ، وكأن لسان حال مبتكر هذه الفكرة الجهنمية يستكثر على الاردنيين سماع " البيانو " .
في أغلب الدول العربية ينادى على الغاز بالنقر على الجرة الحديدية محدثا من يفعل ذلك من عمال التوزيع اصواتا مزعجة ومنفرة وتبعث على الغضب وأحيانا الهستيريا ، ولأن هذا الصوت مزعج جدا فقد ابتكر الاردنيون فكرة طيبة ، وهي أن يضعوا موسيقى خفيفة لصوت البيانو وهكذا جرت العادة منذ حوالي ربع قرن ، وكما يبدو ، فإن هيئة تنظيم قطاع الطاقة والمعادن ينطبق عليها في استفتائها هذا المثل الذي يتحدث عن " قلة الشغل والتطريز " .
ثم : اليس هناك وزارة للبيئة في الأردن حتى تقوم هيئة الطاقة والمعادن بالتعبير عن اهتمامها بأصوات الموسيقى ، هل انتهت الهيئة من كل مشاكل الطاقة في الاردن ومن مشاكل شركات التعدين ومن حقول الغاز والصخر الزيتي وغيره وغيراته ولم يتبق أمامها سوى هذه الفكرة ( مع احترامي للهيئة وشخوصها على الصعيد الشخصي ) ؟ .
كان خبرا مضحكا فعلا ، حيث جاء على هذا الشكل : " استفتاء حكومي حول صوت الموسيقى لسيارات توزيع الغاز " .. . ومتى يحدث هذا ؟ في زمن كورونا وتعطل المنشآت والافراد والجماعات وضيق حال الناس وانعدام فرصهم بسبب الجائحة .
الكل مع التطوير النافع والمجدي ولا بأس من استبدال الموسيقى بالهاتف أو التطبيق الذكي ، لا احد يرفض او يحق له رفض طرح الافكار ، ولكن ابحثوا المفيد ، واتركوا البيانو يجوب الشوارع طالما أن الاردنيين وبحكم كورونا لا يسمعون سوى أصوات سماعات الاسعاف .
د . فطين البداد