السردين والـ " الطن " في الأردن وتقرير الغذاء الأممي
تندر الاردنيون من تصريح قديم لرئيس وزراء اسبق حينما خرج على التلفزيون الرسمي ذات مساء ، ليؤكد بأن اي رفع للأسعار لن يشمل السردين والطن " التونا المعلبة " ، وقد استغرب كثيرون كيف أن رئيس الوزراء المذكور حرص على ابقاء اسعار علب السردين والطن بالذات منخفضة بدون رسوم وضرائب وكأن " على راسهن ريشة " ليذهب التصريح في خانة التفكه والنكات في شارع اردني يبحث عن ابتسامة .
غير أن التقرير الأممي الصادر قبل أيام فقط حول الغذاء في الأردن والذي تعلم به الحكومة وناقشته وزارة الزراعة مع الأمم المتحدة قبيل عقد قمة " النظم الغذائية الذي التأم في نيويورك في الثالث والعشرين من ايلول الجاري : هذا التقرير ، أثبت بأن تصريح رئيس الحكومة المعني هو تصريح علمي يشكر عليه فعلا ، ذلك أن نتيجة التقرير العالمي عن الغذاء في الأردن للعام 2020 حسم بأن 84 % من الأردنيين لا يتناولون طعاما مغذيا ، ولا غذاء صحيا ما ينعكس سلبا على الصحة العامة ، وهذا التقرير منشور ومتداول وليس سريا .
وقد اوصى التقرير بأن يتبنى الأردن نهجا جديدا في تغذية السكان الذين يعانون بأغلبتهم من نقص المغذيات في الطعام الذي يتناولونه ، وبالتالي فإن ذلك انعكس على زيادة ملحوظة في الوزن لدى الغالبية الساحقة من الناس ، والسمنة - علميا - لا تعني بالضرورة تناول المرء أغذية وافية ، بل هي في الحقيقة عكس ذلك تماما ، حيث كشف التقرير أن تناول الأردنيين للفواكه والخضار ، مثلا ، هو أقل من النسبة الموصى بها ، فضلا عن أن ربع الأردنيات فقط يرضعن اطفالهن من سن 0- 5 أشهر رضاعة طبيعية ، ولذلك أوصى التقرير بأن يسعى الاردن لتوفير نظام غذائي لمواطنيه وبأسعار منخفضة للوصول إلى كفاية الغذاء وتعزيز انتاج الأغذية ودعم الزراعة وتربية الحيوانات ، كما وحث الحكومة على تعزيز البرامج الأجتماعية وتبني سياسات غذائية وقانونية لإبعاد الناس عن منتجات شركات تكثف من وجود الملح والسكر والكوليسترول من خلال أجراء تعديل على المواصفات الاردنية والزام هذه الشركات والمصانع بكتابة كل شيء على أغلفة المنتوجات للإجابة عن اي سؤال يبحث عنها الجمهور ، والتركيز على الصحة المدرسية واعتماد برنامج تغذية الطلبة والتلاميذ وتوفير وجبات صحية لهم ضمن استراتيجية وطنية للتغذية الصحية يتم تنفيذها وفق اجندة التنمية المستدامة التي تبنتها الأمم المتحدة لغاية العام 2030 .
وللعلم ، فإن الأردن صادق على ميثاق الحقوق الاقتصادية ونفذ استراتيجية وطنية في المدارس يتم بموجبها تقديم وجبات للطلبة إلا أنه لم يضع استراتيجية وطنية للتغذية حتى الآن كما قال التقرير .
وبالتأكيد ، بعد قراءتكم لملخص التقرير الذي اوردناه ، فإننا جميعا نعيد النظر بتكييف تصريح رئيس الوزراء المذكور بخصوص السردين والطن ، لأن دولته ، وكما يبدو ، كان على علم بأن 84 من الأردنيين لا يحصلون على غذاء صحي ، فذهب قراره إلى مادة البروتين الضرورية للصحة والنمو ، فركز على السردين والطن ، ولعلنا في مرات قادمة نجد للحكومات أعذارا إن كشف تقرير أممي قادم : أن دماء الأردنيين في أوردتهم تحولت إلى عصير بندورة ..
حمى الله الأردن .
د.فطين البداد