قانون يمنع هدر الطعام في الاردن
العنوان أعلاه ، وفق رؤيتي الشخصية ، كلمة حق اريد بها باطل ، وسنفسر ذلك بعد قليل :
ما من شك بأن الكثير من مظاهر هدر الطعام يتم تسجيلها ونرى ذلك في الأعراس والمناسبات وما شابه ، وهو أمر منهي عنه خلقيا ودينيا وإنسانيا ، وذلك لما يحيط بهذا " الإسراف " من معصية لا يرضى عنها الخالق سبحانه وتعالى الذي قال ( ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ (8) التكاثر ) أي انكم ستسألون عن أي نعمة أنعمها الله عليكم واحدة واحدة ماذا فعلتم بها .. ونعمة الله إن تعدوها لا تحصوها ، .. وكذلك نذكر بأن مسألة هدر الطعام منهي عنها في السنة ايضا كما في الحديث الشريف : " إِذَا وَقَعتْ لُقْمةُ أَحدِكُمْ. فَلْيَأْخُذْهَا فَلْيُمِطْ مَا كَانَ بِهَا مِنْ أَذًى، وَلْيَأْكُلْهَا، وَلا يَدَعْهَا لَلشَّيْطانِ".. وغير ذلك الكثير من الآيات والأحاديث التي تحث على الحفاظ على النعمة ، ايا كانت ، سواء نعمة الطعام ، الصحة ، العقل ، الولد ، وأي نعمة من نعم الله تعالى على عباده .
وقد أثلج صدري أن قامت إحدى الجامعات الاردنية وبالتعاون مع برنامج الغذاء العالمي بحملة لتحث على عدم هدر الطعام ، إذ تعتبر الأمم المتحدة أن الحد من هدر الطعام كفيل بإطعام البشرية كافة ، ولا نريد هنا الحديث عن المنتجات الفائضة في الغرب والتي يتم اتلافها في البحار وغيرها من قبل الشركات العالمية والدول بغية الحفاظ على اسعارها ، ولا عن أزمة الحبوب العالمية وأزمات الغذاء عموما ، ولكننا نسجل هنا أن هذه الدعوات والمحاولات في البلدان النامية فيها من الغبن لشعوب هذه البلدان أكثر مما فيها من فائدة ونصح ، وذلك لأن أي تقرير يصدر عن هدر طعام في بلد ما ، بغض النظر عن فقر هذا البلد وحاجته وضائقته ، ستتم مساواته ببلدان منتجة ولديها فائض من الغذاء وهذا قمة الظلم والاستخفاف بالواقع وملايين البشر من أولئك المحرومين والجائعين ، ومن هنا ، فإننا لا يجوز ابدا أن ننظر إلى شرذمة قليلة لا تكاد تذكر في أي بلد نام ممن تقوم بهدر الطعام على أنها تمثل اكثرية هذا البلد الذي ربما يكون بحاجة للمساعدة أكثر من أي بلد آخر ، فيضيع بذلك الصالح مع الطالح في تقارير أممية رسمية .
وبصراحة ، فإن الذي دعاني للكتابة حول هذا الموضوع هو ما قاله وزير معروف عبر ندوة بعمان قبل ايام ، حين دعا لسن قانون يمنع هدر الطعام ..
هكذا بكل بساط وبكل جدية ، وكأن الأردنيين ، أو اغلبيتهم يلقون طعامهم في القمامة ، وهذا غير صحيح ابدا ، لأن الوضع الاقتصادي في البلد لا يسمح بمثل هكذا سلوك أصلا ، كما وإن هذه مسألة أخلاقية وتربوية في الأساس ولا تحتاج قوانين ، اللهم إلا ان كان هناك جهود مختلفة وبصور متنوعة لجمع الطعام من المنازل وأعادة تدويره وهنا سنقول لمن يقوم بذلك : برافو ..
المضحك والمؤلم هو أن الوزير المذكور لم ير أو يسمع عن عائلات تنام على الطوى ، بل إن أحدهم قال له متهكما : إذا تم منع الناس من هدر الطعام ، فماذا سيأكل رواد الحاويات معاليك ؟؟ .
حمى الله الأردن .
د.فطين البداد