" هنا لندن " تسكت للأبد
بعد 85 عاما من البث المتواصل ، وتحديدا في 27 من كانون ثاني الماضي توقفت إذاعة بي بي سي عربي " هنا لندن " بعد إعلان عن هذا التوقف خلال الفترة الماضية .
طبعا ، أعلنت بي بي سي عن تحولها للبث الرقمي ولكنا ستبقي على صفحة ألكترونية تحتفظ فيها على سبيل الأرشيف لا أكثر .
هيئة لإذاعة البريطانية بررت خطوتها بأن " الزمن يتغير ولا يتوقف " وهو مسعى لتوفير النفقات ، كما يجئ هذا الإغلاق بحثا عن احتياجات المستمعين عبر العالم وبوسيلة حديثة أخرى .
للتذكير ، فإن أول بث عربي لإذاعة بي بي سي بدأ في 3 من كانون ثاني من عام 1938 ويعتبر أول بث أجنبي بعد اللغة الأم " الأنجليزية " حيث غطت الإذاعة الحرب العالمية الثانية وحرب السويس والحروب العربية الاسرائيلة وغزو العراق ، وكانت تسجل حضور 40 مليون مستمع يوميا وفق تقارير بهذا الصدد .
بتوقف البث " الجمعة " تستعيد الذاكرة صورا كثيرة بسبب حضور هذه الإذاعة في التاريخ العربي المعاصر بعد أن كانت " هنا لندن " عبارة ينتظرها ويستمع إليها أغلبية العرب بسبب عدم وجود إذاعة أخرى تنقل ما كان يعتقده المستمعون من اخبار لا تبثها الإذاعات الوطنية .
لا يستطيع أي كان أن يحكم على نقاوة مهنية إذاعة لندن العربية لكون هذه الإذاعة كانت - في احيان كثيرة - تدس السم بالدسم ، وتخدم أجندات المملكة المتحدة قبل أي شيء آخر ، ولكنها - في المقابل - كانت تخدم قطاعات غير سياسية في الوطن العربي سواء أكانت فنية أم ثقافية وغيرها ناهيك عن أن لهذه الإذاعة ولأسلوبها " الأنجليزي المعرب " حتى بطريقة قراءة الخبر ، نكهة خاصة بحيث يمكن لأي قارئ معرفة هوية الإذاعة من نبرة مذيعيها .
ولعل الأردنيين بالذات ، يحتفظون بذكريات مختلفة عن القسم العربي لكون الكثير من ابرز مذيعيها من الأردن وأسماؤهم تنطلق عبر الأثير ، ولا بأس من التذكير بأن عشرات البعثات الإعلامية حصل عليها اعلاميون اردنيون بعضهم لا زال يعمل في الإذاعة الأردنية الرسمية والتلفزيون الرسمي ، وكلهم تلقوا دوراتهم في إذاعة بي بي سي وعلى نفقتها .
بغض النظر عن أية مشاعر مختلطة بـ وفاة " هنا لندن " فإن لكل بداية نهاية ، ولكن لا بد لنا من الإعتراف بأن رحيل إذاعة كتبت تاريخ المنطقة وأرشفت أحداثها وأقطارها وجغرافيتها وتاريخها تصاحبه مشاعر من نوع ما ، أيا كانت طبيعة نظرتنا للدولة التي تآمرت على العرب ومنحت فلسطين لليهود و شردت شعبا بأكمله .
حمى الله الأردن .
د.فطين البداد