اللصوص والفاسدون ومشروع قانون " من أين لك هذا " !!
بإقرار مجلس الوزراء لمشروع قانون " من أين لك هذا " يكون الدكتور النسور خطا خطوة كبرى طالما دعونا إليها وحثثنا الحكومات المتعاقبة والمجالس النيابية على اعتمادها وإقرارها لكي " يخلص " البلد من شر الفاسدين والمفسدين إن توفرت النية الصادقة والحاسمة في ملاحقة اللصوص وذوي السرقات كبيرها وصغيرها .
والجميل في الأمر ، أن مشروع القانون هذا ألغى قانون " إشهار الذمة المالية " رقم54 لسنة2006 سيئ الذكر الذي لم يستطع مكافحة فساد ولا كشف أرصدة ، بل إن المتخلفين عن تطبيقه أكثر من المنفذين له وليضرب الشعب الأردني رأسه بالجدار .
وأستذكر - بهذه المناسبة - كيف أن مشروع قانون إشهار الذمة المالية ولد بعد مخاض عسير ليرتحل من النواب إلى الأعيان وبالعكس ، وليخرج بالصيغة التي خرج بها ضعيفا بدون أي مخالب .
ومشروع القانون الذي أقره مجلس الوزراء مؤخرا يبدو رادعا بعض الشيء ، خاصة في الفقرة التي تتحدث عن " يعاقب بالأشغال الشاقة المؤقتة كل من حصل لنفسه او لغيره على كسب غير مشروع وبغرامة تعادل قيمة ذلك الكسب " .
وبحسب ما رشح أيضا ، فإن القانون يسري على كل مسؤول في " الحكومة " بدءا من رئيس الوزراء ورؤساء الأعيان والنواب ومحافظ المركزي ولجان العطاءات والمجالس البلدية و رؤساء لجان العطاءات المدنية والعسكرية وكل من يخطر لكم على بال من مسؤولين في مختلف مرافق الدولة ، وإن تم إقرار القانون المذكور من قبل مجلس الأمة القادم ( النواب والأعيان ) نكون قد وضعنا أولى خطواتنا على الطريق الصحيح .
ليس الفساد في الرشوة أو السرقة أو المحسوبية أو الواسطة أو الإبتزاز والإفتراء وغيرها فحسب ، بل في أن يكون لدينا قانون كهذا ونضعه في الأدراج .
ويجدر التذكير هنا بالتعديلات الدستورية الأخيرة التي عززت مبدأ الفصل بين السلطات ، بحيث أصبحت الدائرة التي تنشأ بوزارة العدل يرأسها قاضي تمييز يعينه المجلس القضائي وليس موظفا يعينه وزير العدل ، أي أنها دائرة تتبع القضاء ولا تتبع السلطة التنفيذية ، وهو مبدأ راسخ في الفصل بين السلطات الثلاث ، ويتم بعد ذلك فحص البيانات التي أرسلها من يقع تحت هذا القانون من قبل قاضي تمييز وقاضيين يحملان الدرجة الخاصة ومهمة هؤلاء فحص البيانات وتدقيقها والنظر بأي شكوى ترد حيال مقدم الإقرار ، وهو أمر في غاية الأهمية ويمحو عن النفس الأمارة بالسوء أي وسوسة ، كوننا نثق بالقضاء الأردني وبرجاله .
قانون مهم أقره مجلس الوزراء ، لا يشبه قانون الذمة المالية بشيء، والعبرة بالإقرار ، ومن ثم بالتطبيق ، وهذا ما يأمله ملايين الأردنيين .