زيادة رواتب النواب خلف الأبواب المغلقة
ليس غريبا أن نسمع عن رفض كتلة التجمّع الديموقراطي المكوّنة من (٢٤) نائبا أردنيا تسلّم زيادة رواتب تُقدر بـ (٥٠٠) دينار لكل نائب، فيصبح بذلك راتب النائب (٣٥٠٠ ) دينار أردني .
وقد ورد في نص البيان الصادر عن الكتلة : “ إنه عند مراجعة ميزانية مجلس النوّاب في الموازنة العامة للعام 2012، تبيّن أن هنالك قراراً في المجلس السابق بزيادة رواتب النوّاب (500 ) دينار لكل نائب تُضاف لمكافآته الشهرية " انتهى الاقتباس .
كتلة التجمع ليست بدعا من الكتل ، ومن المرجح أن تتلوها " وطن " ( 27 نائبا ) أو " النهج الجديد "( 8 ) أو المستقبل " ( 17 ) ، أو " الوعد الحر " ( 17 ) أو " الإتحاد الوطني"( 10 ) أو " الوسط الإسلامي " ( 15 ) أو " الوفاق " ( 16 ) أو " المستقلين ( 15 ) وهذه كلها أسماء الكتل النيابية التي أعلن عنها رسميا وتم تسجيلها ، حيث إن هذا الموقف يعتبر وطنيا بامتياز نظرا لما يعانيه البلد من مصاعب اقتصادية لا تخفى على أحد ، وأتمنى أن لا أكون واهما ، أو مبحرا في الخيال ، ولكن : متى تمت المصادقة على قرار الزيادة ؟ ..
لم تكن الزيادة هذه ضمن جلسة نيابية يتحتم مناقشة أو إقرار جدول أعمالها ، بل إن قرارا كهذا لا يتطلب سوى تنسيب من المجلس الدائم لرئاسة الوزراء ، ويبدو أن مجلس الوزراء السابق وافق عليها بتنسيب من المكتب الدائم ، السابق طبعا .
إن النواب السابقين يتحملون وزر هذه الزيادة التي جاءت في غير مكانها ، وإذا كان بعض أعضاء المجلس السابق أصبحوا نوابا في المجلس السابع عشر ، فإن هؤلاء السادة هم من يتوجب عليهم - قبل غيرهم - توضيح كيفية إقرار هذه الزيادة ، ولماذا ظلت " الطبخة " سرية ولم يعلم بها أحد ؟؟ .
إن المضحك والمبكي في آن ، أن النواب السابقين أقروا الزيادة ، ولكنهم لم يتسلموها كونها أقرت في نهاية عمر المجلس ، ولم " يتنعم " بها إلا الذين فازوا منهم في المجلس الجديد ، وهي مفارقة تستوجب الإشارة لطرافتها .
إنني ومن هذا المنبر ، أزجي التحية لكل نائب رفض هذه الزيادة التي ستكلف الخزينة مبالغ نحن بأمس الحاجة إليها ، وأناشد بقية السادة النواب برفضها ضمن قرار جماعي يشعر الناخبين بأن جميع الكتل متفقة على عدم هدر مزيد من الأموال ، كما وأعيد الطلب من النواب " القدامى " كشف ملابسات هذه الزيادة وتعريتها للرأي العام إن أرادوا التكفير عن ذنبهم بالمشاركة في إعدادها من خلف الأبواب المغلقة .
إن من أولى مهمات مجلس النواب تغيير القوانين البالية المهترئة العقيمة التي تقف حائلاً بين التطوير والنمو والازدهار، وإقرار تلك التي تشجع الاستثمار وتقدم التسهيلات التي من شأنها تطوير الاقتصاد الوطني وتخفيف الأعباء المادية والمعنوية على المواطن الأردني ، وإن من أولى مهمات النيابة كذلك ، محاربة الفساد ومطاردة الفاسدين والمراقبة والتشريع بما يعود بالفائدة على الوطن والمواطن .
ولمناسبة الحديث عن الفساد والفاسدين ، فإنه لا يجب أن ننسى بأن هناك من دفع الملايين كي يشتري مقعدا نيابيا فيحصل بذلك على الحصانة البرلمانية التي تحميه من الملاحقات القانونية والقضائية التي ارتكبها في مواقع ومناسبات سابقة .
ولكن الذي يطمئن في هذه الحالة ، أن الحصانة تنعدم في حال انتهت الدورة البرلمانية ، أو انتهى عمر المجلس لأي سبب ، وإن لم يكن الأمر كذلك ، فإن نوابا من طراز أولئك الذين رفضوا الزيادة هم وحدهم من ينعقد عليهم الأمل في التصويت برفع الحصانة عمن يستحق ذلك ، فقبة المجلس - في النهاية هي " مختبر " الرجال الذين يراهن عليهم قائد الأردن وشعب الأردن .
د.فطين البداد