دورة النواب الإستثنائية : تخبط في انتقاء القوانين وسطحية في نقاشها !
يبدو أن الوحدات الحكومية المستقلة راسخة رسوخ الجبال ( 63 وحدة وصل عجزها لـ مليار و117 مليون دينار - ) ، شأنها شأن الكسب غير المشروع ذائع الصيت ، وهما القانونان اللذان أخفق النواب بهما وردا إليهم قبل فض الدورة السابقة ، ليعودا في الدورة الإستثنائية هذه معززيْن مكرميْن وكأنه لا نقاش جرى حولهما تحت القبة أبدا :
مشروع قانون إعادة هيكلة مؤسسات ودوائر حكومية للعام 2013 ( الوحدات المستقلة ) أصبح يشبه قصة عجوز لا تنفك تروي لأحفادها فصول قصة سئموها وضاقوا بترديدها ، على مختلف مراحل سني أعمارهم ، بلا كلل ولا ملل ، وهكذا هو بالضبط مشروع قانون " منع الكسب غير المشروع " الذي عاد إلى الإستثنائية بحلته ذاتها ، وبخلافاته إياها وكأنه ليس في البلد من قضايا سوى هذين القانونين فقط .
فقد ناقش المجلس السابع عشر ( النواب ) في دورته الأخيرة مشروع قانون إعادة هيكلة مؤسسات ودوائر حكومية ، وألغى عددا من الهيئات ودمج بعضها ، وكذلك أضاف عبارة " من أين لك هذا " على مشروع قانون منع الكسب غير المشروع ، إلا أن مجلس الأعيان أوقف ذلك ، ورد القانونين للنواب فأدرجا ضمن الدورة الإستثنائية التي بدأت أول أيلول الجاري ( موعد نشر هذه المقالة ) .
وإني لأتساءل : كيف سيتمكن مجلس الأمة نوابا وأعيانا من مناقشة سبعة قوانين أدرجا ضمن الإستثنائية ، وليس أمامهما من وقت سوى شهر واحد ، خاصة وأن الدستور حدد موعد الدورة العادية بداية تشرين أول ، فهل بالإمكان مناقشة سبعة قوانين في شهر ، وبجلستين أسبوعيا أو ثلاث ، اللهم إلا إن أردنا سلقها كما سلقنا قوانين أخرى عبر دورات مشابهة .
إن العلة القانونية التي ساقها الأعيان في رفض دمج النواب لبعض الوحدات المستقلة وإلغاء بعضها تتمثل في كون تلك الوحدات صدرت بموجب قوانين مؤقتة ، وإنه لا يجوز إلغاؤها بقانون دائم إلا إن ألغي القانون المؤقت أولا ، وهو ما يثير عدة تساؤلات مشروعة منها :
1 - : كيف يناقش النواب دمج أو إلغاء بعض الوحدات والهيئات الحكومية ويصوتون عليها وفي الأمر مخالفة قانونية .
2 - : من هو العبقري الذي نسب لجلالة الملك بالقانون ضمن الدورة العادية السابقة ، وكيف " مشى " الأمر على جهابذة القانون في المجلس وفيه محامون مخضرمون ؟.
3 - : كيف نسب النواب في الدورة الإستثنائية الحالية بنفس القانون ، وهل سيدخلون في سجال مع الأعيان مرة أخرى أم أن اللجنة المختصة ستلغيه .
4 - : هل سيعيد المجلس التصويت على إلغاء ودمج نفس الهيئات التي ألغاها وأدمجها ، وماذا سيفعل برفض الأعيان ذلك حتى لو تم إلغاء القانون المؤقت الذي شكلت تلك الهيئات بموجبه ؟؟ .
ولتذكير فقط : فإنه وأثناء التصويت على إلغاء بعض الهيئات صوت نواب حاضرون عن نواب غائبين في جلسة " طارق خوري الشهيرة " والتي ألغى بموجبها النتيجة وأعاد التصويت ليكتشف - رئيس المجلس بالإنابة - أن هناك فارقا بخمسة أصوات ، فمن الذي صوت الكترونيا عن زميله الغائب ، وهل أريد للأمر أن يمر بالتحايل ، ومن هو الذي يدفع باتجاه عدم إلغاء هيئات بعينها أو دمج هيئات مع أخرى ؟؟ .
أما قانون " منع الكسب غير المشروع " فحكايته تعتبر حكاية الحكايات بلا منازع ، حيث إن الأعيان اعترضوا على إضافة وضعها النواب على اسم القانون ليصبح : " قانون الكسب غير المشروع من أين لك هذا ، بالإضافة إلى قضايا أخرى تذرع بها الأعيان فردوا القانون للنواب .
القانونان - نفسيهما - عادا أدراجهما إلى مجلس النواب ولجانه المختصة ، وها هما يدرجان بقوة ضمن القوانين التي تضمنتها الدورة الإستثنائية ، فما هو المتوقع ، ولماذا هذا التخبط ؟؟..
هل هناك أحد لا يرغب بإلغاء مؤسسات أو دمجها لوقف النزيف والهدر المالي ، وهل هناك احد لا يرغب بمنع الكسب غير المشروع وسؤال : من أين لك هذا ؟؟ ..
الأمر محير فعلا ، ولكني سأختم بتذكير القراء والنواب والأعيان أن قانون " منع الكسب غير المشروع تم تعطيله في الأدراج ( أدراج مجلس أعيان أسبق ) لسنوات طوال ، فخرج على شكل " إبراء الذمة المالية " ليس إلا ، وها هو يستعصي من جديد ، أما مشروع قانون إعادة هيكلة مؤسسات ودوائر حكومية للعام 2013 ، فإن الخلافات حوله ستتجدد والآراء ستتعدد ولربما نشهد عبر هذا الشهر جلسة مشتركة بين الأعيان والنواب ، هذا إن سمح وقت الإستثنائية الضيق بذلك .
د.فطين البداد