أول قراءة بالأرقام لما يدفعه الأردنيون على فاتورة الكهرباء

تم نشره الأحد 06 تشرين الأوّل / أكتوبر 2013 12:03 صباحاً
أول قراءة بالأرقام لما يدفعه الأردنيون على فاتورة الكهرباء
د.فطين البداد

عندما تصل الأردنيين فاتورة الكهرباء ، يطالعون أرقامها النهائية ، كما تفعل كافة شعوب الأرض ، لأن المهم لديهم : ان يعرفوا المبالغ المطلوبة منهم ، أما التفاصيل فهي محور حديثي هنا .

فاتورة الكهرباء التي تصل المواطنين شهريا تحوي - ضمن ما تحوي - أربع ضرائب ، لا بد من الوقوف عليها باختصار ، لأقرب للقراء الأعزاء ما بعُد عنهم ، ولأكشف ما خفي عليهم ، لأن هذا الزائر الشهري " ثقيل الدم عند الأغلبية الفقيرة " لا يحوي كمية استهلاك الكهرباء فقط ، بل أمورا أخرى يفترض بالجميع معرفتها والإحاطة بها :

رسم التلفزيون

عشرات الموظفين في التلفزيون الحكومي في الأردن يقبضون رواتبهم وهم جلوس في منازلهم ، بسبب الحجم المتضخم للموظفين قياسا بالمطلوب ، وهذا يفسر استمرار فرض ضرائب على الأردنيين باسم تلفزيون بلدهم الرسمي .

بداية ، أعتبر الزميل رمضان الرواشدة ، مكسبا مهما لهذا الجهاز الإعلامي الوطني ، لما يتمتع به من خبرة تجلت في وكالة " بترا " التي حصدت في عهده عدة جوائز ، ولكن الحديث عن التلفزيون يتجاوز الرواشدة ورئيس مجلس إدارة المؤسسة الوزير محمد المومني ، بل ويتجاوز قدرة رئيس الحكومة نفسه ، ذلك أن أيا منهم لا يجرؤ على اتخاذ قرار بإعادة هيكلة تشمل العاملين والإدارات والمتعاونين من داخل المؤسسة ومن خارجها ، انطلاقا من قاعدة معمول بها كثيرا في الأردن وهي : " قطع الأعناق ولا قطع الأرزاق " فما بالك وصاحب الرقم الوظيفي في التلفزيون ، وأعني بهم أولئك الذين يقبضون ولا يعملون ، تتجاوز أعدادهم المئات ، شأنهم شأن كثيرين في وزارات وبلديات ومؤسسات أخرى ، ويكفي أن أضرب مثالا وقع معي شخصيا مصادفة ، حيث شهدت نزول 5 موظفين من سيارة بلدية قريبة من العاصمة ، وعندما سألت قيل لي : إنهم نزلوا لسقاية شجرة .

ولأنني هنا لست في معرض تناول المادة الإخبارية في التلفزيون الأردني الرسمي والذي لا يشاهده الأردنيون إلا لماما ، أو لمناقشة كل ما يحيط بالمؤسسة الإعلامية من وقائع وحقائق وأرقام لا تجوز ولا تصح في زمن الحاجة والفقر وعجز الموازنة وشروط المانحين ، فسأكتفي بما يحفظه الأردنيون عن ظهر قلب وهو " رسم التلفزيون " الذي أدفعه أنا وأنت ونحن وأولئك شهريا ، بحيث يصلنا مطرزا ومعززا مكرما مع فاتورة الكهرباء .

ما هو رسم التلفزيون هذا الذي لا زلنا ندفعه سواء أحوينا تلفزيونات في مكاتبنا أو بيوتنا أم لا ؟؟ .

بعد بحث وتحر عن قصة هذا الدينار ، تبين لي : أنه يرحل شهريا إلى حساب الخزينة العامة " وزارة المالية " .

حسنا ، في أي حساب يودع إذن ، وكيف يتم الإنفاق منه ؟؟ ، والأهم : أليس ممنوعا فرض أي ضرائب إلا بقانون ، أم أن تغيير المسمى : من ضريبة تلفزيون ، إلى رسوم تلفزيون مخرج " ذكي " من مصيدة المنع مع أن مدلوليهما القانوني واحد.

التلفزيون ، وبموجب وثائق حصلت عليها ، يقبض من الحكومة سنويا للنفقات الجارية وحدها مبلغ 14 مليون دينار إلا نصف مليون تقريبا ، ويقبض للنفقات الرأسمالية سنويا مبلغ 8 ملايين دينار إلا 100 ألف ، فأين تذهب هذه الأموال سوى للرواتب والتشغيل ؟؟ .

ولقد علمت من مصدر موثوق : أن وزارة المالية قبضت في العام 2012 مبلغ 11 مليون دينار ، وهي قيمة المبالغ التي تقاضتها الدولة من المواطنين تحت مسمى : " رسم التفزيون " ، فهل يجوز لوزارة المالية تشليح المواطنين سنويا هذا المبلغ ، خاصة وأن الأردنيين يدفعون للتلفزيون موازنته السنوية وهي 22 مليونا ؟؟ .

أجرة العداد

وإذا تأملت فاتورة الكهرباء ، فستصعق أيضا عدما تعلم بانك تدفع شهريا ضريبة يسمونها " أجرة عداد " .. أي أن الأردنيين ليس مطلوبا منهم فقط رسوم تلفزيون شهريا ، وقيمتها دينار على كل فاتورة ، بل عليهم أن يدفعوا لشركة الكهرباء كل شهر ، أجرة عداد الكهرباء ، مع أن هذه العدادات مدفوع سعرها مسبقا من جيوب الناس ( إن حسبناها صح ) .. واللافت أنك لا تعرف أيضا أين تذهب هذه الضريبة أو " الأجرة " كما يحبون تسميتها ، وهل يجوز لشركات الكهرباء العاملة ، أن تفعل ذلك وتحت أي قانون ، علما بأن شركات الكهرباء في البلد هي عدة شركات منها :

1 - : شركة الكهرباء الأردنية .

2 : شركة كهرباء محافظة إربد .

3 - : شركة توزيع الكهرباء .

وقد وصل حجم المبالغ المحصلة في العام 2012 تحت مسمى " أجرة عداد " حوالي 3 ملايين دينار ، فأين تذهب هذه الملايين الثلاثة ؟ . .

فلس الريف

لفلس الريف هذا قصة مضحكة ، فقد تم فرضه من أجل " تنوير " الأرياف الأردنية بالكهرباء ، خاصة وأن تعميم التيار الكهربائي على مختلف أنحاء الأردن هو مطلب سام وواجب على الحكومات كافة ، ولا اعتراض عليه البتة ، إلا أن سبب وصفنا له بـ " المضحك " يكمن في شراء شركات الكهرباء هذا الفلس مع " البيعة " : أي أن الشركات التي اشترت التوزيع اشترطت قبل استكمال إجراءات البيع أن يكون فلس الريف من حصتها ، وأن لا يتم إلغاؤه ، وهنا وافقت إحدى الحكومات على ذلك وبيع فلس الريف المذكور مع الجمل بما حمل  ، ولكن الحكومة التي سبلت عينيها أمام الشركة وإغرائها ، فتحت عينيها على المواطن - كالعادة - وفرضت فلس ريف آخر ، هو الذي تتقاضاه الآن ، أما الفلس القديم فهو في علم " الجيب " الذي اخترعته بعض الشركات العاملة .

وكما قلنا : فإن فلس الريف تم ابتداعه لإنارة الأرياف الأردنية ، ولقد علمت من أحد المسؤولين أنه يتم تحويله سنويا إلى وزارة الطاقة ، وهذا شيئ طيب ، ولكنه مريب كما سترون :

لفلس الريف صندوق خصص للغاية التي اقتطعت الضريبة المذكورة من أجلها ، ولكن للأسف ، تقوم الحكومات بالإنفاق من صندوق فلس الريف على أعمال لا علاقة للريف بها من قريب ولا بعيد ، وفي طرق بعيدة عن الطاقة أحيانا ، ويكفي أن يعلم قارئي الكريم : ان كثيرا من الحكومات لجأت إلى صندوق فلس الريف لتغطية مكافآت وإكراميات وربما حفلات ما انزل الله بها من سلطان ، وهو أمر أثارته جهات رقابية رسمية كما علمت ، بينما ظل المواطن يدفع بدون أن يعرف أين يذهب هذا الفلس ..

ولكي لا يستخف البعض في هذا الفلس ، فإني طلبت من أحد الأصدقاء تزيودي بقائمة " الفلوس " الريفية ففعل ، ليتبين لي أن صندوق فلس الريف حصد من المواطنين عبر فواتير الكهرباء في عام 2012 مبلغ 8 ملايين دينار ، فأين تذهب هذه الثمانية ملايين أيضا ؟؟ .

رسم النفايات

أما ضريبة النفايات التي تتضمنها فاتورة الكهرباء فلها قصة مشابهة ، و يكفي القراء علما أنها تحول إلى وزارة البلديات ، وبحسب المواطن أن يرمي بطرف عينه على شوارع البلديات خارج العاصمة ليعرف كيف يتم التعامل مع المبالغ التي يتم جمعها من ضريبة النفايات هذه ، وهل تقوم الوزارة بتحويلها إلى البلديات أم " تبلعها " فيصيبها ما أصاب فلس الريف، ويتم الإنفاق منها على قضايا أخرى ، مع أنه من الأجدى أن يدفع دينار النفايات للبلدية وليس للوزارة ، بحيث يحاسب المواطنون بلدياتهم ، كل حسب تقصيرها ، أم أن للأمر حسبة أخرى لا نعلمها ؟؟ .

ولقد علمت بأن حجم إيرادات الوزارة من ضريبة النفايات الشهرية بلغ في العام 2012 مبلغ 23 مليون دينار .

إذن : نحن أمام أربع ضرائب تفرض على المواطنين شهريا وتدرج مع فاتورة الكهرباء وهي : رسم التلفزيون ، أجرة العداد ، فلس الريف ورسم النفايات ؟؟ فكم من ضريبة ترتدي " طاقية الإخفاء " يدفعها الأردنيون ، من ذلك الصنف الذي لا يعلمه إلا الله ، والراسخون في علم الضرائب ..

و" العجائب " ! .

د.فطين البداد

 fateen@jbcgroup.tv

 



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات