معلومات تنشر لأول مرة عن مطار إيلات وردة فعل الأردن
لم يدل أي مسؤول أردني حتى الآن بتصريح شاف عن الموقف الرسمي الأردني من قيام إسرائيل بالمباشرة ببناء مطار في إيلات ، واكتفت وزيرة النقل الأردني لينا شبيب قبل أيام بالقول : إنها خطوة تخالف وادي عربة .
بداية ، أستغرب أن تتصدى وزيرة النقل لذلك ، فالمسألة ليست إنشاء خط جديد للباص السريع " المتوقف " ، أو خط القطار الخفيف بين عمان والزرقاء : إنها علاقات دول ، وليست علاقات خطوط متشابكة ، والمطلوب ان يقول وزير الخارجية ذلك ، أو رئيس الحكومة ولا أحد غيرهما .
لم تضف وزيرة النقل المحترمة شيئا ، فمن البديهي أن إنشاء مطار إيلات هذا يخالف معاهدة وادي عربة الموقعة في العام 1994 والتي تلزم إسرائيل بالتنسيق مع الأردن في خطوة كهذه .
تقول اتفاقية وادي عربة - فصل الطيران المدني - : " يأخذ الطرفان بعين الاعتبار المفاوضات فيما بينهما حول افتتاح ممر جوي بينهما وفقا لاعلان واشنطن " و أي إنشاءات حدودية تتطلب ذلك .
و يقول فصل العقبة وإيلات في المعاهدة : " يتفق الطرفان على الدخول في مفاوضات على الترتيبات التي ستمكنهما من التنمية المشتركة لمدينتي العقبة وايلات في مجالات من ضمنها تنمية السياحة المشتركة، والرسوم الجمركية المشتركة، ومنطقة تجارة حرة، والتعاون في الطيران ، ومحاربة التلوث، والأمور البحرية، والشرطة، والرسوم الجمركية، والتعاون الصحي " .
ويقول فصل حل النزاعات في اتفاقية وادي عربة : " أية منازعات لا يمكن حلها بواسطة التفاوض ستحل بالتوفيق أو تحال إلى التحكيم. "
ويتضح من ذلك وهو غيض من فيض : أن أي مطار جديد يتطلب موافقة الطرفين قبل البدء بإنشائه ، وهو ما لم تفعله إسرائيل .
فقد بدأت إسرائيل بإقامة مطار يبعد قليلا عن حدود العقبة ، مما يجعله مقاما في منطقة حدودية تتطلب موافقة الطرفين معا وفق القوانين الدولية .
ولكي لا يذهب كثيرون في التحليل والتفسير ، واعتبار أن " إسرائيل حرة " في أن تقيم مطارا أو لا تقيم ، وهو كلام يقوله البعض معتبرين أنه مطار داخل إيلات ولا يجوز الإعتراض عليه ( أتحدث هنا قانونيا ) فإني أرغب في وضع القارئ الكريم بصورة مطار أردني أوقفت بناءه إسرائيل في الأغوار ، حيث كانت فكرة المطار تنحصر في نقل المنتوجات الزراعية ، غير أن الإسرائيليين وضعوا أرجلهم في الحائط ورفضوا إقامة المطار رغم أنه داخل الحدود الأردنية ، ولأننا " كرماء " فقد وافقنا لهم متذرعين بأن الذي رفض ليس إسرائيل بل " وزارة البيئة " الأردنية ، مع أن كل المعلومات تقول : إن الإحتجاج كان إسرائيليا وليس بيئيا ، ولقد رضخنا ، وها إن المنتوجات الزراعية تنقل بالسيارات إلى داخل المدن الأردنية وخارجها أو إلى المطار .
ولكي أزيدكم من الشعر بيتا ، فإن إسرائيل ماطلت لسنوات ، رافضة إزالة مزارع السمك التي تخصها في خليج العقبة من جهة إيلات ، مما أضر بالبيئة لسنوات ، ولا أدري هل أزيلت تلك المزارع أم لا زالت على حالها .
وآخر ما خرج به أبناء عمومتنا ، كناية عن ضربهم وادي عربة عرض الحائط ، هو مشروع قانون تقدم به أحد المعتوهين من أعضاء الكنيست الإسرائيلي : يطالب بتصويت النواب على إلغاء الوصاية الأردنية على الأماكن المقدسة في القدس ، ما اثار حفيظة البرلمان الاردني وتهديده بإرغام الحكومة على إلغاء معاهدة وادي عربة ، وهو ما أجبر رئيس الحكومة الإسرائيلية على رفض عرض الموضوع على الكنيست وتأجيله إلى وقت لاحق وفق الصحافة العبرية ، ولا ندري أين ومتى سيكون هذا الوقت اللاحق .
وقد تواترت المعلومات التي تقول بأن رئيس الوزراء الإسرائيلي الحالي هو الذي يقف وراء اقتراح بناء المطار في إيلات ، حيث أجمعت الحكومة الإسرائيلية في العام 2011 على إقامة المطار في نقطة تدعى ( تمناع ) كبديل عن مطار إيلات الحالي ، وسيطلق على المطار الجديد اسم ( رامون ) .
وبينت الأنباء المتواترة : أن المطار المذكور سيكون مطارا ضخما ، قادرا على خدمة مليوني سائح ومسافر سنويا ، من إسرائيل إلى أوروبا وأمريكا وإلى المدن الداخلية في فلسطين المحتلة ، كما وإن هذا المطار سيُخدَم بطرق جديدة يعتبر الأردن شريكا فيها من جهة الأرض ( أرض وادي عربة ) ، حيث يخشى من أن تقوم إسرائيل بتوسيع طرق في الوادي تتسع لعدة مسارب وهو ما تنويه فعلا ، وبناء فنادق ضخمة في ساحل إيلات الجنوبي وسكك حديدية وغيره ، مما سيجعل الأمر خطيرا جدا على العقبة ، وعلى مطار الملك حسين الدولي ، وسيجعل من إسرائيل ومطار رامون هذا محجا لكل عابر سبيل إلى أمريكا وأوروبا بدلا عن العقبة ، وفق دراسات أعدها خبراء ، وذلك لجسامة الفرق في الإمكانات ، وتجيب اتفاقية وادي عربة على أي محاولة تسويغ : إذ تحرم إقامة مثل هذه المنشآت إلا بموافقة الطرفين ، وبإمكان الأردن اللجوء إلى المحاكم الدولية لوقف مثل هذا المشروع الذي سيضرب السياحة في العقبة وسيلغي كل أمل لها في المنافسة في عدة حقول .
كما وإن الإتفاقيات الدولية تفرض على إسرائيل ، أن تقيم منشأتها بعيدا عن الحدود بالإضافة إلى احترام مسائل تتعلق بالأمن الملاحي والسلامة الجوية لوجود مطارين وغيرها من قضايا مشابهة لا تنتهي بالبيئة والسلامة المدنية والإستثمار وغيره .
وقد وصلتني معلومات موثوقة من وزير خارجية سابق أنشرها وتنشر لأول مرة : أن إسرائيل سبق وأعلمت الاردن عن نيتها إنشاء المطار المذكور ، وذلك من خلال لجنة أمن وسلامة النقل المشتركة ، وذلك في شباط من العام الماضي ، حيث اعترض الأردن رسميا على ذلك ، ومن ثم بعثت وزارة الخارجية الأردنية مذكرة في شهر نيسان من نفس العام تؤكد على اعتراض الأردن على إنشاء هذا المطار .
وأفادت المعلومات وفق الوزير المذكور : أن الحكومة الأردنية تلقت معلومات في أيلول الماضي : أن إسرائيل بدأت فعلا في إنشاء المطار ، الأمر الذي أغضب الأردن ، فأبلغ إسرائيل عبر القنوات الدبلوماسية بأنه يعترض على مثل هذه الخطوة ويرفضها بالمطلق ، مطالبا إسرائيل بالتوقف عن أعمال البناء ولكن لا حياة لمن تنادي .
وطالما أن هذه المعلومات الموثوقة تحمل طابع تحد من نوع ما للأردن ولاتفاقية وادي عربة ، فإن المطلوب من الأردن الآن قبل الغد ، اللجوء إلى المحافل الدولية استنادا إلى اتفاقية وادي عربة ذاتها ، وإلى اتفاقيات الطيران المدني وغيره ، وإلا ، فإن الإتفاقية تصبح محط نظر ، ليس فقط من قبل النواب الأردنيين ، بل من قبل كافة الأردنيين وعلى مستوى الشعب كله .
إن على الأردن أن " يحمّر " عينيه ، فلقد تمادى هؤلاء الرعاع كثيرا ، هذا إن كنا مستقلين ، وذوي سيادة حقيقية كما هي عليه بقية الدول التي تحترم نفسها .
د . فطين البداد