عندما تكذب أوروبا على السوريين في البحر الميت
ناقش المؤتمرون من أعضاء الجمعية البرلمانية للإتحاد من أجل المتوسط على مدى يومين في البحر الميت - بداية الأسبوع - بندين رئيسين : القضية الفلسطينية واللاجئين السوريين .
وهذه الجمعية التي آلت رئاستها لدولة البرتغال بعد الأردن ، حيث سلم المهندس عاطف الطراونة الرئاسة نهاية المؤتمر ، تم إنشاؤها في العام 2003 في إيطاليا ويشترك فيها برلمانات الإتحاد الأوروبي الـ 27 ويبلغ عدد أعضائها 280 عضوا ، كما ويشترك فيها دول شرق وجنوب المتوسط ، وهدفها تفعيل وتطوير الشراكة الأورومتوسطية ، وفي اجتماعها في الأردن ، تم الإستماع لتوصيات اللجان وانحصر جدول أعمال الجمعية ببندين رئيسين كما قلنا ، هما : قضية فلسطين ، وقضية اللاجئين السوريين .
ولأن الخوض في تفاصيل تقارير اللجان يتطلب مساحة لا مجال لها هنا ، فإني أقترح على من يرغب بها من القراء الأعزاء متابعة الفيديوهات الكاملة للمؤتمر والتي سجلتها المدينة نيوز بالصوت والصورة والترجمة ، ليقفوا على حقيقة وطبيعة هذه الجمعية الهامة التي تنشد التفاعل والتكامل ، وأتحدث هنا من حيث المبدأ ، أما التفاصيل فهي ملعب الشياطين ، ولا أرغب في ولوجها .
وبناء عليه ، فإن قضية اللاجئين السوريين ، كأحد البندين اللذين تركز عليهما الحوار في الأردن ، هي محور حديثي هنا ، ولا يسعني إلا الثناء على ما قاله المهندس الطراونة من حيث استقبال الأردن زهاء المليون لاجئ ، وإن الأردن ينتظر المساعدة ليقوم بواجبه تجاه هؤلاء الأخوة الأعزاء ، ولكن للأسف ، تذهب كل النداءات سدى .
هؤلاء اللاجئون السوريون ، هؤلاء الأحبة ، والذين نستقبلهم بالأفئدة ورموش العيون ، شأن الأردنيين دائما وأبدا ، نتمنى عودتهم إلى بلادهم سالمين غانمين منتصرين بإذن الله ، ولكنهم في الغربة والشتات بحاجة إلى العالم أجمع ، فما الذي قدمه هذا العالم الذي صمت على قتلهم وذبحهم وتشريدهم ؟؟ .
لقد تكشفت حقائق لا تغطى بغربال ، مفادها : أن ما يشاع وينشر عن الدعم الغربي والعالمي للسوريين ، ليس سوى محض هراء ، وفقاعات هواء : فملايين اللاجئين في سوريا : " نزوح داخلي ".. وفي الأردن ، وفي لبنان ، وفي العراق ومشارق الارض ومغاربها لم يتلقوا إلا الفتات ، رغم ما يذاع عبر الإعلام في مؤتمرات أصدقاء سوريا وغيرها ، تلك التي نسمع جعجعتها ولا نرى لها طحنا ولا عجنا .
وقد سبق لي وأن تناولت هذا الامر ، قبل أن يعقد اجتماع الجمعية البرلمانية للإتحاد من أجل المتوسط بشهور ، ولأن الجمعية المذكورة التأمت الأسبوع الماضي ، وناقشت على مستوى برلمانات الدول ، قضية دعم اللاجئين ، فإني سأضع الأمر برمته على طاولة الجمعية ، والبرتغاليين تحديدا ، بعد أن آلت إليهم الرئاسة ، وطلب منهم تنفيذ توصيات المؤتمرين .
وقد تسنى لي ، أن أقف على أرقام لم يقف عليها كثيرون ، وأنشرها تاليا ، وتكشف كذب من يزعمون بأن السوريين يتلقون دعما يستحق الذكر ، خاصة وأن الملك عبد الله الثاني وضع الرئيس أوباما في صورة المصاعب الأردنية بهذا الشأن ، خلال زيارته المهمة لواشنطن ، وبعد أن استيقن الأمريكان بأن الأردن لم يتلق شيئا يذكر ، واطلعوا على مصاعبه الإقتصادية الذاتية بدون لاجئين ، وعدوا بتقديم 600 مليون دولار لمساعدة الأردن في تحمل عبء الإستقبال والضيافة ، ولا ندري هل سيصل هذا المبلغ أم إنه مجرد وعد من مجمل وعود .
فقد كشفت الأوراق : أن كل ما حصلت عليه الدول المضيفة ، من قبل الإتحاد الأوروبي والعالم لم يتعد الـ 187 مليون دولار أمريكي منذ بداية الأزمة ، فلا تغرنكم المليارات التي يتحدثون عنها ، ومئات الملايين التي يعلنون أنها في طريقها إلى الأردن أو لبنان أو الداخل السوري ، وهذه الـ 187 مليونا موزعة على الأردن ولبنان والمنظمات الأممية ، والإنسانية والمجتمعية ، وهو مبلغ تافه إن أخذنا بالإعتبار أعداد اللاجئين ، وحاجاتهم الماسة للخدمات الصحية والتعليمية ، والبنى التحتية في المخيمات أو في المدن ، وتجهيزات الشتاء وشراء الآليات الإنشائية وشبكات الإتصالات والمعونات الطارئة والغذائية ، بالإضافة إلى أغطية وخيم وخلاف ذلك مما يحتاجه الإنسان ، مع الإشارة إلى أن البلدان والجهات التي تبرعت و" جمعت " هذا المبلغ هي كل من : ألمانيا ، كندا ، ، الإتحاد الأوروبي ، بريطانيا ، اليابان ، السويد ، وكالة الإنماء الأمريكية ، الصين ، إيطاليا ، النمسا ، منظمة إيفاد ، كوريا ، إسبانيا إيرلندا ، التشيك البرازيل ، أستونيا ، رومانيا ، أذربيجان ، هولندا الولايات المتحدة ، نيوزلندا وفرنسا .
أما المضحك المبكي في الأمر ، فهو تبرع الجامعة العربية بمبلغ 45 ألف دولار خلال العام 2013 ، وفق ما ورد في تقرير رسمي وصل مكتبي كإعلامي متابع .
فإذا كان الإتحاد الأوروبي الممثل في الجمعية البرلمانية للإتحاد من أجل المتوسط ، لم يقدم إلا النذر اليسير من مجمل الـ 187 مليون دولار المذكورة ، ضمن احتياجات شعب تم قتله وتشريده ، فعلى أي أساس تسعى أوروبا لبناء وحدة تكاملية مع دول شمال وجنوب وشرق المتوسط ؟ .
من أين جاء اللاجئون السوريون ؟ .. من بحر البلطيق أم من شرق المتوسط ؟ .
د . فطين البداد