أسرار صفقة الـ " بوينج 787 " في الملكية الأردنية !
أحب في البداية - أن أنوه : بأن كل ما سيرد تباعا بحاجة إلى تمحيص وتدقيق من قبل أجهزة حكومية رقابية لها علاقة بالحسابات والعقود والأموال ، بعد تعديل القانون الذي يمنع مراقبة الشركات ضمن شروط ، وأنوه أيضا : بأن المقصود بهذا المقال الذي آثرت أن يكون سريعا وقصيرا ، ليس أشخاصا وإنما مالا عاما يهدر بطريقة عجيبة قد تخرج القارئ عن طوره ، وأؤكد بأن كل المعلومات التالية مستقاة من أشخاص قريبين من ملفات الملكية الأردنية الداخلية ، وليس هذا المقال سوى جرس إنذار لعل أحدا يسمع أو يبصر أو يستدرك :
فقد علمت بأن الملكية الأردنية وقعت مع شركة بوينج في العام 2007 على عقد لشراء 11 طائرة من طراز بوينج 787 بقيمة مليار و 300 مليون دولار تقريبا ، مع أن هذا الصنف من الطائرات كان حين توقيع العقد مجرد " فكرة " و " حبر على ورق " ، ومنذ ذلك العام ولغاية هذا العام 2014 ، فإن الطائرات لم تصل ، وبرغم ذلك ، فإن بوينج تطالب الملكية بالمبلغ ، لسبب بسيط : وهو أن العقد يلزم الملكية بذلك ، ولم تتمكن الشركة منذ ذلك العام - عام الشراء 2007 لغاية هذا العام 2014 أن تجد حلا للعقد الملزم الذي " ربط " الملكية بمسامير فولاذية لا سبيل للفكاك منها .
وتفتقت عبقرية البعض أن يأتوا بشريك للملكية لعله يدفع جزءا من دفعات البوينج ، وبالفعل جاؤوا بشريك إماراتي ، وافق من حيث المبدأ ، إلا أنه وبعد أن وقف على التفاصيل تراجع فورا ، فلم يجد القائمون على أمر الملكية بدا من السفر إلى لبنان ومفاتحة نجيب ميقاتي بالأمر ، ولمن لا يعلم فإن ميقاتي يملك حوالي ، 21 % من أسهم الملكية ، غير أن الرجل رفض هو الآخر ، ولا تستطيع الملكية فعل شيء الآن سوى ما ستقرأون تاليا ، ولكن لا بد من العودة سريعا إلى البدايات :
عندما بيعت كل الشركات التابعة للملكية ، ظل اسم الشركة طبعا ، فجرى عليه البيع هو الآخر من خلال طرح اكتتاب ، حيث بيع السهم بقيمة 308 دنانير أردنية ، وتم دفع مبلغ 200 مليون دينار فعلا ، وبعد ستة أشهر أصبح السهم بنصف دينار ، وهو الآن كذلك .
ولدى الرجوع إلى البوينج : فإن المعلومات من داخل الملكية تقول : إنهم وأمام ورطة إلحاح البوينج على الملكية لاستلام طائراتها ودفع ما عليها ،تولدت لدى الملكية فكرة مضحكة مبكية في آن ، وهي أن تقوم الملكية بتأسيس شركة في الخارج فيها شركاء لديهم سيولة ، بحيث يقوم هؤلاء الشركاء مع الملكية طبعا بدفع المليار والـ 300 مليون دولار لبوينج عن طريق الأقساط ، مقابل أن تعود ملكية الطائرات للشركاء هؤلاء ، بينما " تستأجر " الملكية منهم طائرات البوينج " بدون تملك " ، أي الفكاك من عقد بوينج والدخول في عقد أشد وأنكى يلزم الملكية بالإيجار سواء فعلت ذلك أم لم تفعل ، علما بأن إيجار الطائرة الواحدة من هذا الطراز هو " مليون و200 ألف دولار شهريا " وأكرر : شهريا ، مع التذكير بأن إيجار أي طائرة إيرباص - مثلا - وبنفس الحمولة تقلع من مطار الملكة علياء إلى الولايات المتحدة - يبلغ 250 ألف دولار شهريا .
ولكي يكون قارئي العزيز على اطلاع ، فأحب أن يعلم بأن الملكية مباعة ، نعم ، ولكن الحكومة تملك 26 % من أسهمها ، ويملك الضمان : 9 % ، والجيش العربي 3 % ، ويحظر القانون على ديوان المحاسبة مراقبة أموال الملكية بأي شكل من الأشكال .
د . فطين البداد