ما علاقة الأردن بغزة ؟
لعل الجماهير الأردنية الحاشدة التي خرجت من أجل غزة يوم الجمعة ، وقبلها في أيام متتاليات ، كانت رسالة هامة مضمونها أن هذا الشعب العظيم لن يكون في أي يوم من الأيام على عتبة لا تفضي إلى داخل البيت القومي والعروبي ، فما بالك وغزة على تماس مع العزة والكرامة ، والصمود الأسطوري الذي يحاكي الأردنيين وشهامتهم وسجيتهم ؟ .
خرج الأردنيون والأردنيات نصرة لغزة ، لإدراك الشعب الأردني ، العروبي بطبعه ، والإنساني بسجيته ، بأن هذا العدو المجرم الذي لم يقو على المقاومة فانتقم من الشعب ، شأن الجبناء ، لن يتورع أن يفعل ما فعل بأي شعب عربي آخر ، وما نحن - الأردنيين - بنظر هؤلاء الرعاة - سوى أعداء خطرين ، همجيين ، أعراب جهلة ، ويكفي أن يلقي المرء نظرة على أدبياتهم ومناهجهم ليدرك أن العربي ، أيا كان ، لا يرقى إلى مرتبة البشر ، ويجب احتقاره وقتله وطرده والخلاص منه طفلا وامرأة ورجلا وشيخا ، وليس ما يجري في غزة سوى صورة مصغرة من صور شتى يشترك فيها العرب من محيطهم لخليجهم .
إن الوقوف مع غزة ، لا يعني الوقوف مع حماس أو مع الجهاد الإسلامي أو الجبهة الشعبية وغيرها ، بل يعني الوقوف مع النفس ، وإدراك حقيقة تجلت خلال العدوان : أن الإرادة أقوى من الحديد ، والقناعة أقوى من العتاد ، وها هي معركة الكرامة حاضرة تتكرر في غزة ، وأن بإمكان قلة قليلة محاصرة منذ ثماني سنوات ، أن تفعل ما لم يفعله العرب جميعا في كل حروبهم ، باعتراف الإعلام و الخبراء الإسرائيليين أنفسهم ، ومن أجل ذلك ، فإنه لا يجوز أن نتوقف - كأردنيين - عند توقف الحرب ، بل يجب الإعداد رسميا وشعبيا لمعركة قد تكون قادمة ، فالذي يأمن هؤلاء الصهاينة لم يقرأ التاريخ ( أتحدث عن الصهيونية وليس اليهودية كدين ) والذي يركن إلى قوى دولية لا يعرف بأن العالم يتحرك بالمصالح وليس بالعواطف ، وإنه آن الأوان لدعم إضافي غير محدود لجيشنا العربي ، ولإعادة خدمة العلم وفورا ، وآن الأوان لإعداد جيش شعبي قوي رديف ، ذي عقيدة صارمة : بأن الخطر الحقيقي على الأردن ليس سوى هؤلاء الصهاينة ولا أحد غيرهم .
الأردن ، شعبا ، يرتبط بغزة ، بحكم الدم والقربى ، والأردن ، نظاما ، يرتبط بغزة بحكم الدم والقربى أيضا : أوليس اسمنا " المملكة الاردنية الهاشمية " ؟ .
إنها غزة هاشم ، فقد مات هاشم الذي ننتسب إليه في غزة !.
د. فطين البداد