" المصباح " في عمان و" المفتاح " في تل أبيب
إذا كانت الإستراتيجية الوطنية للطاقة التي حددت مهامها من 2007 - 2020 لم تكشف يوما : إن من ضمن خططها الإعتماد على الغاز الإسرائيلي لمدة خمسة عشر عاما ، فلا غرابة إذن في هدوء الحكومات المتعاقبة وبرودة أعصابها .
من البديهي أن من أهداف الإستراتيجية الوطنية للطاقة ، أن تقلل من نسبة الإستيراد التي تبلغ الآن 97 % ، بحيث تصل في العام 2020 إلى 60 % فقط من الطاقة المستوردة ، وللحق ، فإن هذه الحكومة هي الحكومة الأولى التي أخرجت الطاقة المتجددة من القول إلى العمل ، وهي بالفعل أول حكومة توقع على اتفاقيات شراء الطاقة بمئات الملايين من الدنانير وقد أحيلت العطاءات فعلا ، ولكن هل هذا يكفي لنرفع لها القبعات عرفانا وإجلالا بعد افتضاح أمر الصفقة ؟ .
أعود باختصار شديد إلى الصخر الزيتي ، فلقد علمت بأن مجلس الوزراء وافق على جميع اتفاقيات الصخر الزيتي ، والحديث هنا عن إنتاج 470 ميجواط كهرباء ، وفي هذا المقام أستحضر ما قاله وزير الطاقة عن : أن الحكومة وضعت استراتيجية متوسطة المدى تهدف إلى وصول خسائر شركة الكهرباء الوطنية ( الوجع الدائم ) إلى نسبة صفر في العام 2017 ، وأذيع سرا هنا للمرة الثانية وأقول : إن الإحتياطي الكهربائي في بداية العام 2012 كان صفرا ، والآن وصل الإحتياطي الكهربائي إلى 15 % .
وإذا استذكرنا محطة تنقية الماء في العقبة ، والتي ستزود المحافظات الشمالية بالمياه المحلاة ، فإننا سنكشف هنا معلومات لا يعرفها كثير من الأردنيين .
كتبت في مقال سابق : إن محطة تنقية المياه في العقبة ستزود إيلات الإسرائيلية بالمياه ، مقابل تزويد إسرائيل للمحافظات الشمالية الأردنية بمياه بحيرة طبريا ، أي أن العقبة هي التي ستروي إربد وعجلون وجرش والمفرق ، ولكن : أليس من المفترض أن نزود - نحن الأردنيين - المحافظات الأردنية المذكورة بالمياه وليس إسرائيل ، طالما أن محطة التنقية هي محطتنا ، وستقام على أرضنا وضمن حدودنا وليس ضمن حدود إسرائيل ، أوليس من المجازفة الخطرة أن يكون شمال الأردن كله رهينة بأيدي الإسرائيليين ؟ .
مضحك مبك ما قالته الحكومة مؤخرا عن أن ديون شركة الكهرباء الوطنية البالغة مليارا و200 مليون دينار ستكون في العام 2017 صفرا ، ذلك لأن الحكومة تخفي عن مواطنيها بأن تلك الديون ستتلاشى لكونها - أي الحكومة - رفعت التعرفة على الكهرباء في خطة بدأت منذ 2013 وتستمر لغاية 2017 ، أي أن جيوب المواطنين هي التي ستنهي مديونية شركة الكهرباء الوطنية وليس الخطط الجهنمية للحكومة الرشيدة .
ونأتي الآن إلى بيت القصيد : فقد وقعت الحكومة اتفاقا مع شركة إسرائيلية على توريد الغاز للأردن لمدة 15 عاما بقيمة 15 مليار دولار ، ونسأل هنا : ما الثمن غير المالي الذي سندفعه للإسرائيليين ؟ .
إن ما كشفته الحكومة عن ميناء للغاز في العقبة ليس سوى استكمال لهذا المشروع ( الغاز الإسرائيلي ) ، بحيث سيتم تخزين الغاز في سفن ، ومن هذه السفن سيتم نقله عبر خط الغاز المصري إلى مختلف أنحاء المملكة .
اي أن نصف الأردن " سيشرب " من اليد الإسرائيلية ، وثلث طاقة الأردن سيكون مصدرها إسرائيل .
بعد هذا كله ، قولوا لي بربكم : هل سنكون أحرارا مستقلين ، أم أن حياتنا كلها ستكون رهينة بأيدي هؤلاء القتلة المجرمين ، أبناء " شارون " وأحفاد " شيلوك " ؟ .
د . فطين البداد