عن ذهب عجلون والطائرات و" داعش " ورغيف الخبز
في غمرة انشغال الأردنيين بحمى الذهب في عجلون ، وما قيل عنه من شائعات أو حقائق ، كانت الطائرات تدك معاقل لتنظيمات إسلامية متطرفة قريبة من الحدود ، ويحضرك تصريح رئيس الوزراء الدكتور عبد الله النسور الذي أكد في أكثر من مناسبة : أن الأردن ليس طرفا في هذه الحرب ، سبقه مذكرة نيابية وقعها اثنان وعشرون نائبا تعتبر : " أن الحرب على داعش ليست حربنا " وفق ما جاء في المذكرة التي قدمت لرئاسة المجلس قبيل انفضاض الدورة الإستثنائية التي صدرت الإرادة الملكية بفضها نهاية هذا الشهر .
لا أدري كيف لا تكون حربنا والتنظيم هددنا بالمفخخات .
كل شيء في الأردن يسير بوتيرة متسارعة ، ليس بدءا من دوران الماكينة الإعلامية الحكومية عن إفلاس شركة الكهرباء وضرورة إنقاذها ( بأموال المساعدات التي وصلت طبعا ) ، ولا مرورا بالملكية الأردنية التي بيع مطارها على طريقة " المشايلة " بما في ذلك " ضريبة المغادرة " التي قفزت من عشرين دينارا إلى أربعين ، ليتبين بأنها تذهب إلى الشركة وليس إلى الحكومة إلا ضمن حصة الدولة التي تتعدى الـ 52 % كما أعلم ، وليس انتهاء بكل ما يؤرق الأردنيين من غذاء ودواء وتعليم و طاقة ، وبطالة ، بل وانشغال أرباب البيوت بكيفية " تدبير " ثمن ( جرة الغاز ) .
ما ذكرناه ، مضافا إليه أخبار داعش وذهب عجلون ومصاريف العيد والطائرات ، أحاديث ومحاور لا يكاد يخلو بيت أردني من سيرتها ومن تأليف قصص عنها أو سوق حقائق أو شائعات بخصوصها ، والأردنيون ليسوا بدعا من شعوب المنطقة التي تتقن سرد الكلام وتجهل فن الإنصات .
عما قليل ينكشف غبار معركة الأردنيين مع رغيف الخبز ، وتنجلي ضبابية ما تخبئه الحكومة من " بطاقة ذكية " أو غيرها بعد أن صدر قرار بتغيير نظام دعم الخبز المعمول به هذا الأوان ، لكي لا يذهب إلى غير مستحقيه من غير الأردنيين كما تقول الحكومة التي ترغب في توفير 300 مليون دينار تدعم بها الموازنة التي انهالت عليها المساعدات خليجيا وأمريكيا ، بينما لا يسمع الأردنيون لا هسهسة النقود ولا خشخشة الدولارات .
جميل جدا أن ندخل المدرجات الرياضية في الحرب على الإرهاب ، ولكن الأجمل أن يعي الهاتفون والصادحون والأردنيون جميعا ، مسؤولين ومواطنين : بأن خطر الإرهاب لا يتوقف عند تنظيم متخلف يريد أن يعود بالمسلمين إلى العصور الحجرية والكهوف الطباشيرية ، بل عند " قرش مفقود " يوشك أن يكون عزيزا في غمرة البطالة والضياع الذي يعيشه الشباب ، والفراغ الذي " يملأ " القلوب غضبا ونارا لعدم رؤية ضوء في نهاية النفق ، فالمديونية بازدياد ، عاما إثر عام ، والسكان يتضاعفون ، والوافدون يضغطون على البنى التحتية والأسعار ، بينما العجلة متوقفة ، والعربة أمام الحصان .
الأردنيون يريدون شفافية في كل ما يتخذ من قرارات ، وفي كل ما يصل من أموال ، وهذا ، إن شئتم ، مفتاح الولوج إلى الثقة المفقودة ، بين الحكومات وبين مواطنيها في بلد يستحق النهوض ، وشعب يستحق الإحترام .
د. فطين البداد