ظاهرة " حَرَد " النواب إلى " الشرفة "
يعبر بعض النواب عن عجزهم وقلة حيلتهم من خلال الهروب من تحت القبة والجلوس على الشرفة .
الشرفة ، وضعت للنظارة وليس للنواب ، وأساليب التعبير عن الرفض تمارس تحت القبة وليس فوقها .
إذا كان بعض النواب رهنوا مشاركتهم في الجلسات بإلغاء صفقة الغاز مع إسرائيل ، ومن ثم قالت الحكومة إنها ألغتها ، وعادوا أدراجهم ، فإنهم - كنواب شعب - مطالبون بأن يضعوا الرأي العام في صورة ما حصلوا عليه من أدلة تثبت فعلا أن الصفقة ألغيت ، وأن الأمر لا يتعلق بتصريح حكومي ، وبالتالي فإن هناك مسوغا لنزولهم عن الشجرة .
وإذا كان نواب الكوتا من النساء " حردن " من القبة إلى الشرفة لأن نائبا جدف ضد الكوتا ، فإن هذا لا يشفع لنواب الكوتا تركهن جلسة تشريعية يذهب المواطن ضحية أي خطأ فيها ، لأن نوابه النساء " حردانات " .
ما شاء الله !.
لقد بات الصعود إلى شرفة المجلس " موضة " يمارسها النواب ذكورا وإناثا وعلى الطالع والنازل ، وها هم الأسبوع الماضي يتركون الجلسة لأنهم ضد رفع الحكومة أسعار الكهرباء .
إن خروج النواب من القبة إلى الشرفة لا يلغي رفع أسعار الكهرباء ، وإذا كان الأمر استعراضيا أمام الرأي العام ، فمن قال إن الرأي العام مهتم بهذه الحركات التي باتت باردة وغير مثيرة ، بسبب تكرارها بمناسبة وبدون مناسبة .
أقول للنواب الذي يصعدون إلى الشرفة تاركين الجلسات بدعوى رفضهم لأمر ما :
إن رفع أسعار الكهرباء بات تحصيل حاصل ، وأدرج ضمن موازنة 2015 التي ستقبضون منها رواتبكم هذا الشهر .
لقد بات التهرب من مواجهة الحكومة أمرا معيبا على من يمارسه ، إذا أخذنا بعين الإعتبار أن الأمر ليس سوى تسجيل مواقف .
هناك أمر أشد وأنكى وأكثر غرابة :
لعل كثيرا من الساد ة النواب لا يعرفون : أن المذكرات النيابية التي يوقعون عليها كلما دق الكوز بالجرة ، ليست ملزمة ، وإنها هي مجرد حبر على ورق .
الأردنيون لا يريدون تسجيل مواقف ولا صخبا تحت القبة ولا حردا فوقها ولا مذكرات استعراضية ، إنهم يريدون تشريعا علميا مهنيا حقيقيا من نواب حقيقيين جاؤوا إلى المجلس ليخدموا البلد ، لا أن يمارسوا الحَرَد !.
د. فطين البداد