أليكسا وهدى وأشياء أخرى
الفرق بين " أليكسا " و" هدى " أن الأولى ضربت الأردنيين في أعصابهم ، بينما ضربتهم الأخرى في جيوبهم .
العام الفائت ، وعندما اجتاحت عاصفة أليكسا المنطقة ، لم يصدق أحد أنها ستكون إلا كما كانت أخواتها من قبل ، فكان خطأ التقدير - ربما - وراء ذلك الإرباك الذي عاشه الناس والدولة بشكل عام ، حيث انقطعت السبل ، وتجمدت الطرق ، ووصل الأمر إلى إطلاق عشرات العائلات استغاثات من الحصار أو الجوع أو المرض أو انقطاع الكهرباء والماء والغاز إلخ .. وكانت ذريعة الحكومة - آنذاك - نفس ذريعة شركات الكهرباء التي قالت : " أفتحوا لنا الطرق أولا ، ومن ثم حاسبونا " .. أي أن الحكومة كانت عاجزة حتى عن فتح الطرق لتعبر ورش الصيانة ، وإذا لم يكن هناك طرق مفتوحة ، فإنه لا سبيل بالتأكيد لإنقاذ مريض ولا إطعام جائع ، أو تدفئة بردان .
" هدى " تختلف : فهي من ناحية لم تكن مفاجئة ، ولهذا تجهز لها الناس ، والحكومة أيضا ، ومن ناحية أخرى ، وهي الأهم : أن تجربة " أليكسا ´ علمت الأردنيين ، فـ " لبدوا " عند مدافئهم ، وبذلك تسنى للأجهزة المعنية العمل ، دون أن تعيقها مئات السيارات المتعطلة على جوانب الطرق ومنتصفها كما حدث سابقا ، وهو أمر فهمته هذه الأجهزة جيدا ، فأطلقت " تحذيرات " وليس " إرشادات " فحواها : أنها لن تتسامح مع من يخرج من بيته بدون سبب وجيه ، وأنا ، بصراحة ، مع هذه الصرامة - ومن أجل ذلك مضت " هدى" بدلالها إلى وجهتها.
ولأن الأردنيين نقادون بطبعهم ، فإن أحاديثهم انصبت على ما اعتبروه " خداعا " وقعوا فيه : فالتنبؤات عن قوة " هدى " كانت مبالغا فيها ، و " أليكسا " كانت أقوى ، وما كان يجدر بالأرصاد تخويف الناس والحكومة وإطلاق كل تلك التحذيرات المرعبة عن عاصفة لن تبقي ولن تذر ، وإذ بها عاصفة عادية ، وغير ذلك من تعليقات .
استحوذت " هدى" وأختها على العناوين وأحاديث المجالس لعدة أيام ، وفي غمرة كل ذلك - غاب قانون الضريبة ، والمديونية ، و أسعار الكهرباء .
أيضا : غابت أحداث وأسماء لا يجدر أن تغيب .!.
د. فطين البداد