اللامركزية وجماعة الشد العكسي
أستغرب أن يدفع نواب بقانون اللامركزية إلى المحكمة الدستورية ، مع أن آراء قانونية صدرت من متخصصين تؤكد عدم مخالفته للدستور .
تحدثنا كثيرا عن اللامركزية التي تمكن الشعب من حكم نفسه تنمويا ، في كل محافظات الأردن ، لأن أهل مكة أدرى بشعابها ، غير أن " الحرس القديم " لا زال يرفض الخروج من روتين الماضي إلى فضاءات الحاضر التي تحاكي الواقع والزمن والحداثة .
بإمكان المعترضين على قانون اللامركزية أن يظلوا زعماء في مناطقهم ، إن خاضوا انتخاباتها وربحوا ، فالإنتخابات المحلية التي هي من صميم هذا القانون ، هي التي تحدد من يحكم في المحافظة ومن هو ممثلها ، أما إذا لم يكن لدى البعض ثقة بالفوز فإن الإنتخابات النيابية على مستوى المملكة ( البرلمان المركزي ) هي الساحة التي على المعترضين خوضها ، وإن لم يكن هذا وذاك ، فإن زعماء شبابا جددا من نفس عشائر هؤلاء من حقهم أن يسودوا ( نتحدث عن قانون الإنتخاب الحالي ) .
وإذا غاب عن بعض النواب الأكارم أن هذا القانون يأتي قبل أربعة شهور من موعد الإنتخابات البلدية ومجالس المحافظات ،وهي مواعيد انتخابات يفترض أن تجرى في نفس اليوم ، فإن الأمر يتطلب وعيا بذلك .
من حق المواطنين أن ينتخبوا ممثليهم في مجالس المحافظات مباشرة ، دون أن يؤثر انتخاب البرلمان المصغر هذا على طبيعة وعمل السلطة التشريعية التي هي مجلس الأمة بشقيه .
لطالما اشتكت المحافظات من تضارب الأولويات ، وباللامركزية يمكن لأي محافظة أن تختار اولوياتها التنموية دون أي تدخل من عمان ( المركز ) .
قانون اللامركزية ، وقانون البلديات اللذان ينظرهما مجلس النواب السابع عشر قانونان إصلاحيان ، وجناحان يحملان جسم التنمية المحلية الثقيل ، وبدون أي منهما فإنه لا إصلاح يحلق في أجواء طالما تلبدت بضباب التشكيك ، والشد العكسي .
إن قانون اللامركزية هو بداية الولوج نحو الإصلاح الحقيقي ،وإذا أضفنا قانون البلديات ومن ثم قانون الأحزاب لاحقا ، فإن حلقة الإصلاح تكون قد اكتملت في مثلث لا يمكن الإستغناء عن أي من أضلاعه .
هذا هو القول الفصل لمن يريد أن يعرف !.
د. فطين البداد