عن مشروع قانون الإنتخاب الجديد
أرغب في مقالة هذا الأحد أن اتطرق سريعا إلى مشروع قانون الإنتخاب الجديد الذي جاء مفاجئا للجميع ، وأعد له رئيس الحكومة الدكتور النسور الأسبوع الماضي مؤتمرا خاصا أثنى فيه على المشروع واعتبره عودة ميمونة إلى قانون العام 1989 الذي لا زال الأردنيون يتغنون به كونه جاء بأقوى برلمان في تاريخ مجلس الأمة منذ عودة الحياة الديمقراطية .
المشروع الآن قيد الدراسة لدى عدد من الأحزاب والمتخصصين والسياسيين ، بل إننا نكاد نشهد انقساما حياله رغم ما أعلن من رفض لمشروع القانون في المؤتمر الذي عقده عشرون حزبا سياسيا قبل أيام ، حيث أعلن كل حزب على حدة موقفه وملاحظاته .
الحكومة ، وكما هو متوقع ، دافعت عن مشروع القانون وقالت فيه ما قال قيس بليلى، والاحزاب ، من جهتها ، ذمته كما ذم جرير الفرزدق ، ولكن البيان الذي صدر عن الأحزاب العشرين المذكورة ، لم يعلن موقفا نهائيا في حال أقر مجلس الأمة القانون في الدورة العادية المقبلة .
الأحزاب والرافضون لمشروع القانون يعتبرونه تحايلا على النص ، ويقولون بأن الصوت الواحد لا زا ل معتمدا وإن تغيرت صيغة وجوده ، ولكن هذه الأحزاب ، وكما هي العادة ، لم تطرح بديلا ، واكتفت برفضه .
كان يفترض بالأحزاب أن تتروى وتقرأ النظام الإنتخابي قبل أن تضرب الودع ، فاعتماد النظام الإنتخابي المختلط الجامع بين القائمتين الوطنية والدوائر على مستوى المملكة ، وتخصيص ما تطلبه الأحزاب وهو 50 % من مقاعد مجلس النواب ، يتطلب أن نرى قبلها حياة حزبية وتفاعلا حزبيا حقيقيا على الأرض ، وليس أمناء أحزاب مجتمعين في أروقة الفنادق ، فإذا استثنينا حزبين أو ثلاثة من الاحزاب الرافضة لمشروع القانون ، فإن من حقنا أن نسأل عن الأحزاب السبعة عشر الأخرى التي ترفض وتريد نصف عدد مقاعد مجلس النواب ، بينما ليس لها قواعد شعبية ولا انتخابية بالمرة .
أعطوا الشعب نشاطا حزبيا على الأرض ، واحصدوا مقاعد كما شئتم ، وإن كنت أعتقد أن بعض مؤاخذات الأحزاب صحيحة ، وأبرزها أن مشروع القانون يمنح التمثيل الإجتماعي أولوية على التمثيل السياسي والبرامجي ،إلا أننا لا يجوز أن ننسى واقع البلد الإجتماعي داخليا ، وكذلك الأحداث من حولنا ، وأنا هنا لا أدعو إلى اعتماد الحقيقة " الأبوية " من قبل الحكومة أو دوائر القرار ، ولكن أطلب أن نقرأ الواقع أولا ، ومن ثم نبني مطالب متاحة لا تتعارض مع مقتضيات المرحلة .
وإذا كان القانون المعمول به للآن ، معتمدا على الصوت الوحد ، وهو الذي أفرز مجلس النواب الحالي الذي سينظر مشروع هذا القانون ، فإن مشروع القانون الجديد اعتمد القائمة وفي نفس الوقت لم يمنح الناخب حرية الحركة بين قوائم يريدها أو أسماء يرغبها ، مما فسره البعض بأنه عودة للصوت الواحد ، والذي أغضب الأحزاب ، كما أعتقد هو أن مشروع هذا القانون لن يسمح لها بالوصول إلى البرلمان.
وأيضا ، فإننا لم نر بعد كيفية احتساب الأصوات عبر نظام القوائم ، أو كيف ستقسم الدوائر ، وهو ما سيتضمنه النظام المرتقب ، فالمطلوب إذن ، أن يقرأ مجلس النواب مشروع هذا القانون جيدا ، وأن يراعي فيه أننا بحاجة إلى قانون عصري حقيقي متقدم ومنطقي ، أي أننا لا نريد أن يموت الذئب ولا أن تفنى الغنم .
د. فطين البداد