الأردنيون وما يجري في الأقصى
ضجت المحافظات الأردنية والعربية قاطبة بمظاهرات واحتجاجات ضد الممارسات الصهيونية في القدس الشريف ، في صورة كانت متوقعة ، لما تعنيه هذه المقدسات للعرب وللمسلمين ، وخاصة الأردنيين الذين يعتبرون انفسهم يقفون على أرض الرباط مع الكيان ، بغض النظر عن حالة السلام ومعاهدة وادي عربة وظروف المنطقة .
فرغم مرور 21 عاما على توقيع المعاهدة برعاية أمريكية ، لا زال الأردن الشعبي- بالمجمل - يرفض رفضا باتا التطبيع مع الكيان الغاصب ، إلى أن تعود الحقوق الوطنية الفلسطينية المغتصبة ، والحقوق العربية والإسلامية والمسيحية السليبة من يد كيان مجرم ، لا يخفي أطماعه الخبيثة في بيت المقدس وما حول بيت المقدس ، ولا أهدافه السرطانية في التهويد واقتلاع السكان والإستيلاء على الثروات .
والأردن ، وبصفته معنيا بالقدس الشريف كابرا عن كابر ، هب بكل قوته ليكبح جماح الصهاينة في مشروعهم الهادف لتقسيم الأقصى زمانيا ومكانيا ، ومن أجل ذلك ، رأيناه يتواصل على مدار الساعة مع أشقائه واصدقائه في العالم ، ويقدم لمجلس الأمن مشروع بيان ضد الإنتهاكات التي يرتكبها الإحتلال ، ولقد صدر البيان فعلا ، إلا أنه كان بيانا فاترا خجولا لا يستحق القراءة ، مما حدا بالأردن إلى الإعلان عن أن سلوك إسرائيل سيتسبب بسحب السفير ، ويزيد من توتر العلاقات إلى درجات مجهولة ، وهو ما دفع وزارة الخارجية الصهيونية للإيعاز لسفارتها في عمان إلى إصدار بيان ، صدر فعلا نهاية الأسبوع - وحمل - كالعادة - أباطيل وأكاذيب ، وتأكيدات على أن الصهاينة سيبقون على الوضع التاريخي للقدس كما هو ، وعلى الدور الأردني ، مع أن الوقائع على الارض تقول بغير ذلك .
وإذا كان بيان مجلس الأمن أكد على الدور الأردني في القدس ، إلا أنه في - المقابل - لم يكن صارما تجاه الكيان ، بل طلب من المصلين عدم إثارة الشغب ، وهي مفارقة مضحكة ومخجلة ، تؤكد بأن حق العرب والمسلمين لن ترده قرارات مجالس الأمن ولا بيانات السفارات .
الأردنيون ، وعلى رأسهم الملك ، غاضبون جدا ، فالأقصى هو أولى القبلتين ، ووجهة الإسراء من البيت الحرام ، ومنطلق العروج إلى السماء ، ويخطئ الإحتلال الأرعن إن اعتقد بان الأردن وحيد في المعركة : إنها معركة الأمة بأسرها ، معركة لا هوادة فيها ، يحتشد لها مليار ونصف مليار من البشر ، فأولى القبلتين وثالث الحرمين هو مهوى القلوب ، ونبض الأفئدة ، أما أولئك الرعاع ، فلا شك أنهم سيعلمون أي منقلب ينقلبون .
" وَعْدَ اللَّهِ لا يُخْلِفُ اللَّهُ وَعْدَهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ " ( الروم 6 ) .
د. فطين البداد