نصب الكاميرات في الأقصى
احتلت قضية الكاميرات في المسجد الأقصى وفي محيطه عناوين الصحف العبرية والعالمية والعربية ، خاصة وأن المراقبين اعتبروها توطئة لما قالوا إنها " تهدئة " مرتقبة إذا نجح المشروع .
ما اثار استغرابي طوال الأسبوع الفائت ، هو تلك القراءات التي كانت تزعم بأن نصب الكاميرات لن يقدم ولن يؤخر ، وإنه سيخدم الأمن الأسرائيلي فقط ، وبهذا الأمر صدرت بيانات وتصريحات ترى بأن نصب كاميرات هو لصالح الإحتلال ولا يخدم قضية القدس .
نتنياهو ومن قبله كيري اعترف بأن الذي طلب نصب الكاميرات هو الأردن ، وخصوم الأردن في الداخل والخارج - للأسف - انتهزوها فرصة لمحاولة التقليل من شأن هذه الخطوة ، الأمر الذي حدا بوزير الأوقاف الأردني إلى توضيح الأمر في وسائل الإعلام المختلفة ، ومنها المدينة نيوز .
ما لم يقله الوزير ، وأرى ضرورة توضيحه من وجهة نظر شخصية ، هو أن نصب الكاميرات التي ستنقل في بث مباشر على الهواء وعلى مدار الساعة عبر الأنترنت وغيره ، خطوة لم يكن الفسطينيون ولا الأردنيون ولا العرب والمسلمون يحلمون بها ، فلقد كانت القدس غائبة عن السمع والبصر ، وبنصبها سيتمكن كل شخص في العالم من مشاهدة ما يجري في الحرم وفي محيطه مباشرة وبدون حواجز إسرائيلية وتصاريح صحفية ، فكيف يقال هنا بأنها خطوة غير مفيدة .
ولمن يقول بأن هذه الخطوة تخدم إسرائيل أسأل : من قال إن الإحتلال لم يزرع في كل طوبة وحجر في الأقصى وخارجه كاميرات تجسس ، وهي بارعة في ذلك أيما براعة ، هل كان بعض المتفذلكين والرافضين لهذه الخطوة يعتقدون بأن كل هذا الزمن سيمضي والأقصى بدون مراقبة ، وبن غوريون يقول : " لا معنى لإسرائيل بدون القدس ، ولا معنى للقدس بدون الهيكل " ، أية سذاجة هذه وأي جهل بخطورة هذا الإحتلال المجرم الذي أهلك الحرث والنسل وطغى في البلاد فأكثر فيها الفساد .
من قال إن كاميرات إسرائيل وعيونها غير مزروعة في أكثر من عاصمة عربية وفي أكثر من شارع ، ومدينة ؟؟ .
إن الكاميرات التي طلبها الأردن هي كاميرات مراقبة ، ولنصبها شروط وافية ، والهدف : أن يتمكن الأردن ، صاحب الولاية الدينية والقانونية والإدارية من مشاهدة كل ما يجري في الحرم الشريف من اقتحامات مستوطنين وحاخامات مجانين ، وجنود وشرطة وكلاب ، كما حدث مؤخرا وكما يحدث في كل اقتحام للمدينة المقدسة وللحرم الشريف ، وأن يرى العالم أجمع أية انتهاكات تحدث وأية جرائم ترتكب .
على إسرائيل أن تعي بأن المس بالولاية الإردنية على المقدسات في القدس قد تصل نتائجه إلى نسف اتفاقية وادي عربة وانتهاء حالة السلام ، فالقدس في عيون الهاشميين لا تنام ولا تنطفئ ، ولقد حان وقت أن يتحد الجميع مع الأردن للذود عن أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين كما يفعل هذا البلد ، وشعبه وقيادته .
د. فطين البداد