الأردن وروسيا : لكل مقام مقال
عندما يكون الأردن متاخما لسوريا في حدود تصل إلى 370 كيلو متر ، ويجري التفاهم أو التنسيق الروسي مع كل دول الجوار السوري من تركيا إلى العراق إلى إسرائيل ، فإنه يصبح من البديهي أن يكون هناك تفاهم روسي أردني مشترك عند قيام الطائرات الروسية بتحرك قرب الحدود مع الجانب الأردني ، لكي لا يقع اختراق لحدود الأردن الشمالية ، أو تقع حوادث غير محسوبة ، كما وقع مع الأتراك أكثر من مرة ، الأمر الذي وتر العلاقات لدرجة اجتمع معها حلف الناتو ، وهذا قبل زيارة رئيس الأركان الروسي لأنقرة بهذا الخصوص ، ومن هنا ، فإن هناك ضرورة عسكرية وأمنية أردنية - روسية لمثل هذا التفاهم ، ولا يعني هذا أن الأردن " استقال " من التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة .
الأردن ، كا ن دائما يقف على مسافات في علاقاته الدولية بحكم موقعه وإمكاناته ، ومن أجل ذلك فإنه من أكثر الدول العربية مرونة وحركة .
إذا كان هناك تنسيق أمريكي أردني لمحاربة الإرهاب ، فإن الأردن ، وفق المعطيات الجديدة ، بدأ يشعر بأن الازمة السورية مقبلة على تسوية سياسة من نوع ما ( هناك قراءات مختلفة ) وتجيء البراغماتية الاردنية واعية لتطورات هذا الملف ، وتداعيات فصوله الإقليمة والدولية ، وعلى الأخص منها ما يتعلق بالحدود ، وتحسبا لأي ترتيبات أو مخططات غير مرئية .
لا أفهم من هذا التفاهم أن الأردن انضم أو رفض الإنضمام إلى الحلف الإيراني الروسي العراقي ، فالأمر بالنسبة إليه مصالح عليا ، كما وأن التدخل الروسي جاء بهدف سياسي أيضا وفق المزاعم المعلنة من موسكو ولأجل ذلك ، فإن الأردن لا يفوت فرصة من شأنها أن تنهي الأزمة السورية سياسيا وهذا موقفه منذ بدايتها في العام 2011 .
لم يوقع الأردن كما هو معروف على البيان السباعي الذي انتقد تدخل الروس في سوريا عسكريا ، ووقف في هذه المسألة محايدا ، وهذا ، إن شئتم ، موقف تتطلبه المرحلة ، وتطورات الملف الذي قلبه الروس رأسا على عقب ، مع أن الميدان العسكري في الداخل قد يكون له قول آخر ، وحينها قد نرى مواقف أخرى .
الأردن يحسبها جيدا ، فالسياسة مصالح ، ولكل مقام مقال .
د. فطين البداد