ستة شهور صعبة في انتظار الأردنيين
قال وزير المالية عمر ملحس : إن الأردن يتعرض لضغوط من صندوق النقد الدولي .
أضاف في تصريحات صحفية نقلت عنه مؤخرا : إن الصندوق اشترط على الأردن تخفيض نسبة الدين قياسا بالناتج الإجمالي من 93 % إلى 80 % ، في غضون ستة شهور من هذا العام 2016 وهو أمر صعب جدا إن لم يكن مستحيلا .
وإذا حسبناها على اعتبار أن الدين يصل إلى 30 مليار دولار ، فإن المطلوب هو ما يقرب من 2 مليار في غضون هذه الشهور الستة .
ملحس الذي كان في زيارة إلى واشنطن الأسبوع الفائت " بق البحصة " كما يقال ، ولكن المشكلة " العويصة " التي يواجهها الإقتصاد الأردني في هذه الظروف ليست بحاجة إلى فذلكة ، فهي بكل تأكيد لا تخرج عن تراجع الإستثمار في الأردن لأسباب قلناها أكثر من مرة واقترحنا لها حلولا لم يسمعها أحد ، وأيضا هناك تراجع في تحويلات الأردنيين العاملين في الخارج ، بالإضافة إلى التراجع المرير في السياحة ، وهذه الأركان الثلاثة ، هي زوايا الإرتكاز في الإيرادات ، فماذا يتبقى للحكومة من سبيل لتسلكه بغية الوصول إلى تحقيق شروط الصندوق ؟ .
قبل حوالي عشرة أيام ، قال رئيس الحكومة الدكتور عبد الله النسور: إن وزير المالية المتواجد في واشنطن - حينها - سيطلع النواب على نتيجة مباحاثته ، وذلك بعد أن أبدى النواب غضبا بسبب تكتم الحكومة على ما دار في زيارة وفد صندوق النقد للأردن من مشاورات ، ولكن يبدو أن ملحس وزير من طراز خاص ، فقد قال ما لم يقله وزير قبله وبصراحة وجرأة يشكر عليها ، حتى إنه لم يكتف بما قال عن شروط الصندوق تخفيض الدين قياسا بالناتج الإجمالي بالنسبة التي قلناها آنفا ، بل كشف بأن الصندوق يشكك بالأرقام الحكومية ذاتها وبنسب النمو المتوقعة .
فقد قال الوزير الأردني وبجرأة يحسد عليها : إن الصندوق غير مقتنع بالأرقام التي ضمنتها الحكومة في الموازنة وعلى الأخص بند " الأيرادات " حيث شكك الصندوق بها ، الأمر الذي جعل الصندوق يخبر الحكومة أنه سيراقب هو نفسه ومباشرة دقة الأرقام وحقيقة الإلتزام بها من عدمه ، وهذا الأمر يفرض نظرية لها ما يؤيدها ، وهي أننا بتنا خارج ثقة صندوق النقد الذي يشكك بأرقام موازنتنا ويريد أن يفرض علينا رقابة مباشرة ، وهو أمر كشفه الوزير نفسه ، ولم يكشفه كاتب هذا المقال أو أي أردني مهتم بالشأن العام .
التخفيض المطلوب يعني أن يستعد الأردنيون لجولة جديدة من شد البطون والضرائب والشفط واللهط الحكومي ، رغم أن الأردنيين ، بكل فئاتهم ، لم يعودوا قادرين على تحمل ضرائب جديدة ، ووسائل أخرى ، ولكن الحكومات الأردنية المتعاقبة لا تعبأ بالأمر وكأننا نتحدث عن مواطني نيكاراغوا .
ستكون ستة شهور صعبة ، ما لم يتدخل أحد لإخراج الأردن من هذه الورطة .
د. فطين البداد