مفاجأة الأحزاب الأردنية المشاركة في الإنتخابات
قبل أيام ، وافقت وزارة الداخلية على ترخيص حزبين جديدين ، ليصبح عدد الأحزاب الأردنية المرخصة تسعة وأربعين حزبا .
ليس هذا فقط ، بل إن مصادر في الوزارة قالت إن هناك اثنين وعشرين حزبا أردنيا تحت التأسيس ، وإذاما استوفت هذه الأحزاب الشروط ، فإن من المرجح منحها تراخيص هي الأخرى ، وإلا فستلجأ إلى مقاضاة الحكومة .
بذلك ، يصبح لدينا ، بالصلاة على النبي " واحد وسبعون حزبا ، والحبل على الجرار .
ولأن قضية الأحزاب ، قضية مهمة وجديرة بالغوص فيها ، خاصة وأننا على أبواب الإنتخابات النيابية " 20 أيلول القادم " فإن ما حفزني لإعادة الكتابة هنا عن الأحزاب ، رغم أن مقالتي الأسبوع الفائت كانت عنها ، هو ما نشر عن التعليم بالنسبة لها ، بعد أن تبين أن 86 % منها ستشارك في الإنتخابات .
واستنادا إلى ما نشره موقع المدينة نيوز عن استطلاع مركز راصد الأخير ،فإن هذه الأحزاب تمتلك قوائم خارج المحافظات الكبرى ، ولكن المفاجأة كانت في برامجها المقترحة ، فإذا تفهمنا بأن أغلبية هذه الأحزاب ستركز على الإقتصاد بنسبة 58 % ، وهذا أمر مفهوم نظرا للوضع الإقتصادي ، فإن اهتماماتها بالحقول الأخرى كانت صادمة بكل المقاييس :
فقد بين الإستطلاع بأن 14 % منها تعنى بالإصلاحات التشريعية إذا وصل ممثلوها إلى البرلمان ، بينما احتل بند " التعليم " نسبة 10 % فقط من اهتمامات الأحزاب .
وإذا قرأنا هذه النسبة جيدا ، ندرك تماما طبيعة الأزمة التي نعانيها ليس فقط كأحزاب سياسية تنشد تفعيل دورها ، ولكن كموروث ثقافي تأصل في مفاهيم العامة ، والآن الخاصة كما نرى ، وهذا الموروث يعتبر أن الأهم هو الشهادة الجامعية بغض النظر عن الثقافة والخبرة والتجربة .
يخبرني الأخوة في أسرة التحرير خلال لقاء جمعنا صدفة مؤخرا في إحدى المناسبات في عمان أن بعض خريجي الجامعات ممن يتقدمون للعمل لدى قنوات البث الأردنية لا يحسنون فك الخط ، وعندما يسألون عن سبب ذلك تكون الإجابة بأنهم يدرسون الإعلام نظريا ، ولم يسبق لهم أن كتبوا خبرا ، وقس على ذلك مختلف التخصصات .
إن على الأحزاب السياسية في الأردن أن تهتم بالشأن الثقافي الذي هو الحافز الحقيقي للإهتمام بالتعليم ، فالقصة ليست قصة نجاح انتخابي ولكن خلق قواعد شعبية واعية تنتج أجيالا جديدة قادرة على محاكاة الحاضر والعبور إلى المستقبل بروح العصر وثقافته ومخرجاته المفيدة .
لا يتحدثن أحد عن أن هذا من شأن الحكومات ، بل هو من صميم شأن الأحزاب والنخب ، لأن الحكومات ، أي حكومات في المجتمعات النامية ، منشغلة بتغيير المناهج وتأصيل التجهيل نظير مساعدات وتسهيلات قروض ، أما النخب ، ومنها الأحزاب" الواعية " ، فهي التي يعول عليها في قيادة الجمهور نحو مصالحه الحيوية في الوصول إلى مجتمع متمدن ، يكون القانون ، والقانون فقط ، هو حاكمه الحقيقي بعيدا عن الفئوية والمناطقية والطائفية والعنصرية .
تقول إحدى الدراسات أن نسبة الأمية في بعض البلدان العربية وصلت إلى 70 % من عدد السكان .
بالله عليكم : كم نسبة الأمل في أن تنهض مثل هذه الدول في القرن الحادي والعشرين ؟ .
د. فطين البداد
تابع أيضا :
70 ألف دينار لكل حزب في الأردن .. وماذا بعد ؟