عن زراعة الأسنان وتركيب الشبكات وعلاج الماء الأبيض في الأردن
تعتزم نقابة أطباء الأسنان إعادة النظر في لوائح أجورها وفق ما أعلنت النقابة مؤخرا ، وهو أمر لافت ، خاصة وأن الأسعار الحالية التي ستصبح قديمة ، لم يلتزم بها أصلا إلا من رحم ربي .
فّإذا ذهبت إلى مركز طبي أسنان ، مثلا ، فإن الأسعار فيها تتفاوت بشكل كبير لدرجة لا يستطيع فيها الأردني التعاقد مع هذه المراكز لاستغنائها عنه أصلا ، نظرا لاعتماد بعضها إما على مؤسسات حكومية أو شبه حكومية مضمونة الدفع ، او اعتمادها على المرضى العرب ، وخاصة الخليجيين منهم .
ولقد حدثني صديق أردني يعيش في الخارج ، أنه ذهب إلى أحد مراكز زراعة الأسنان فكانت الأسعار صادمة ، حيث طلب منه مبلغ كبير دفعه الصديق ليسر حاله ، ولكن هيهات أن يتمكن الأردني متوسط الدخل من دفعه أو التفكير في ذلك .
وأسأل هنا : من قال إن المريض يفهم بأنواع الأسنان وتوابعها والزروعات ومعادنها ؟.
وإذا قسنا على أطباء الأسنان أي تخصصات : أطباء العيون مثلا ، فإن الأمر لا يختلف بالمرة ، فإذا رغب قريب لك أو أحد معارفك مثلا في تركيب عدسة لما يعرف بـ " الماء الأبيض " فإن الطبيب سيخيرك بين أن تشتري عدسة بسعر 50 دينارا ، و700 دينار ، و1500 دينار ، ومن البديهي أن يختار المريض أفضل نوع عدسات لأننا نتحدث هنا عن عينيه اللتين يبصر بهما ،وأيضا ، فإنه ما من مريض عادي عرف على وجه الدقة هل تم تركيب عدسة " أصلية " له أم أن " مواصفاتها " أقل " وهي قضية صعبة للغاية ولا يمكنه أن يجادل فيها لكونه " مثل أطرش في الزفة " وفق المثل الدارج وهلمجرا .
قس على ذلك قضية " الشبكات " التي يتم زرعها في صدور المرضى ، حيث ليس بإمكان المريض معرفة نوعية هذه الشبكة ومدى " أصليتها " ومصدرها وعناصر صنعها ، وهي مسألة أثيرت في البرلمان السابع عشر ولم يعرها أحد اهتماما .
وإذا كان الأردن يعتبر من أهم الدول في الرعاية الطبية والعلاجية على مستوى المنطقة والعالم ، فإنه جدير بالمعنيين التنبه إلى أن استمرار تدفق مئات الملايين من الدولارات إلى البلد من خلال السياحة العلاجية يصبح موضع شك ، إذا لم تدرك الحكومة ونقابات الأطباء والنقابات الأخرى أن من أهم أولويات استمرار انتعاش هذا "السوق " ، إذا أخذناه بمعناه الإقتصادي ، هو إقرار قانون المساءلة االطبية الذي لا زال في أدراج الأعيان ، وتم تعطيل إقراره رغم مضي 13 عاما على بدء طرحه كمشروع قانون .
هناك مقاومة شرسة لمشروع القانون ، في الوقت الذي تعاني فيه الأجور الطبية بمختلف تخصصاتها من فوضى ، فهل سيستمر هذا الحال ؟؟ .
إذا ظل الأمر مرتبطا بموافقة النقابات المعنية على القانون ، فإن إقرار مثل هذا القانون الهام سيكون فقط عندما " ينوّر الملح " .
د. فطين البداد