التوظيف والوضع الإقتصادي في الأردن
كان تعبيرا صائبا ذلك الذي استخدمه العين مازن الساكت لدى حديثه عن غضب المتقدمين للوظائف عبر ديوان الخدمة المدينة من حيث تأخير تعيينهم أو تأخر أرقام طلباتهم بضع مئات وأحيانا بضعة آلاف .
الساكت الذي كان يتحدث في ندوة عن ورقة الملك السادسة في جامعة البلقاء التطبيقية ليس شخصا عاديا يتحدث عن الوظائف في الأردن ، فالرجل كان مديرا لديوان الخدمة المدنية لسنوات طوال ، وبات مرجعا في الشأن الوظيفي المدني يشار إليه بالبنان .
من ضمن ما قاله الساكت : إن عدالة مدير الخدمة المدنية لو كانت بمثل عدالة عمر بن الخطاب لما تمكن صاحبها من إرضاء الناس ، وذلك لكون الفرص التوظيفية المتاحة محدودة جدا سنويا ، وعليه ، فلا رضا عن ديوان الخدمة " من هون حتى يوم القيامة " كما قال .
ومن ضمن ما كشفه الرجل أن عدد الخريجين سنويا يبلغ 65 ألف طالب ، يتم تعيين البعض ويتبقى ما يقرب من 50 ألف خريج في انتظار أدوارهم ، وهؤلاء هم الذين لن يرضوا عن ديوان الخدمة أبدا .
وتحدث عن أن الديوان قد يضطر لتجاوز نظام " الدور" لحاجة البلد لبعض التخصصات ، وضرب مثالا على ذلك بتخصص الرياضيات ، وفي نفس الوقت ، تحدث عن تخصص " معلم صف " وتساءل كيف سأعين هؤلاء في الوقت الذي يتخرج فيه سنويا 5 آلاف شخص يحمل هذا التخصص ؟.
هذا ناهيك عن تخصصات أخرى .
كلام منطقي لا غبار عليه البتة ، وصراحة " من الآخر " يتوجب فهمها ووعي أبعادها الخطيرة على الأمن المجتمعي إن لم نقل الوطني ، على اعتبار أن " البطالة " تفعل الأفاعيل ، ومن خلالها يتسلل كل خطير مرئي وغير مرئي .
سبق وتحدثنا أكثر من مرة ، عن أن مشكلة البطالة في الأردن أكبر من إمكانيات الدولة ، وهي على كل حال أكبر من إمكانيات كل دولة ، وإن الحل الوحيد هو فتح أبواب الإستثمار على مصاريعها ضمن ثوابت المجتمع ، واستخراج المخبوء من خيرات البلد ، ولكن هذا الإستثمار بحاجة إلى عقول وقلوب تتفاعل معه وتحسن استجلابه وتعاطيه، بحاجة إلى أناس مؤمنين ببلدهم لا بجيوبهم ، وبمصالح مجتمعهم لا بمصالحهم ،وأنا هنا أشخص ولا أتهم ، وهي مهمة كبيرة ومعقدة لن تتحقق بسهولة .
تحدثت في المقالة السابقة عن الورقة الملكية السادسة ، وأتساءل مرة أخرى عن الأوراق الخمس التي سبقتها ، أين مصيرها وماذا ترجم منها ، وهي أسئلة طرحتها مندوبة المدينة نيوز في مؤتمر الساكت وكانت الإجابات نظرية وغير شافية .
في الأيام السالفة علمنا بحصول الأردن على مليارات ثلاثة تقريبا كديون إضافية ، وهو إجراء لا مندوحة عنه بسبب العجز وقلة الموارد ، ولكن : أين يمضي اقتصاد الأردن ؟؟ .
مصر حررت العملة ، فهل سيأتي يوم يشترط فيه صندوق النقد الدولي تحرير الدينار ، وإذا حدث ذلك ، فماذا يمكن أن يحدث ؟؟ .
د.فطين البداد