مرة أخرى : بيان حزب الله ضد الأردن
مرة أخرى ، أجدني مضطرا للكتابة عن حزب الله اللبناني بعد ان كرر تهديده للأردن ، وللحقيقة ، فإنه لا يختلف البيان الذي أصدره هذا الحزب بخصوص مناورات الأسد المتأهب السنوية التي انطلقت في الأردن الأحد بمشاركة قوات أمريكية وأردنية و قوات من 20 دولة أخرى ، لا يختلف عن غيره من بيانات " الزعرنة " التي دأب هذا الحزب الإيراني على إصدارها بين الفينة والأخرى ، حيث توعد الأردن وحلفاءه من أنهم سيكونون أهدافا ، وهو نفس مدلول تصريح وليد المعلم في مؤتمر صحفي عقده مؤخرا في دمشق حينما قال بأن النظام سيعتبر أي قوات أردنية في سوريا قوات معادية ، وأيضا هو نفس مدلول التصريحات الإيرانية التي تسببت باستدعاء وزارة الخارجية الأردنية للسفير الإيراني في عمان وتحذيره ، ومن قبل هذا كله تصريحات رئيس النظام بشار الأسد حنيما هاجم الأردن بشكل غير مسبوق ، مما يؤكد بأن هؤلاء جميعا قرأوا على شيخ واحد : وهو المرشد الإيراني الأعلى الذي يمثل " صاحب الزمان " المنتظر وفق خزعبلات الملالي وأذنابهم .
ولما كان الأردن يتعرض لخطر إرهابيي داعش وسبق وتلقى عدة اعتداءات إجرامية في أكثر من مكان ، فقد أعلن بأنه سيقاتل هذا التنظيم الإرهابي وسيلاحقه في أي مكان و" في العمق " وهو لم يقل بأن ملاحقته للتنظيم ستتم على أراضي الغير بقوات أردنية ، بل تحدث عن مبدأ حق الدفاع عن النفس ، طالما أن النظام السوري لا يستطيع تأمين حدوده ، وهو حق مشروع تجلى في بعض صوره في التحالف مع عشائر سورية تتبع الجيش الحر أنشئت أصلا لقتال تنظيم البغدادي .
إيران وعملاؤها في سوريا من قبيل حزب الله وغيره من الميليشيات الطائفية الباكستانية والأفغانية والعراقية وغيرها ، أصبحت تدرك بأن أيامها في سوريا باتت معدودة ، إذا أخذنا في الإعتبار تصريحات ترامب وتعهده بشأنها ،وكذلك التصريحات الروسية التي أطلقها لافروف في مؤتمر صحفي منفرد من واشنطن قبل أيام حينما أكد بأن مسألة الجنوب السوري تم بحثها مع الجانب الأمريكي ، ولا ننسى اتصال الصفدي به الجمعة للتأكيد بأن الأردن لن يقبل ميليشيات إيرانية على حدوده ، وهذه التصريحات والمواقف ، كما يفهمها المراقب ، لا تخرج عن مبدأ إزاحة الحزب والحرس الثوري من الجنوب السوري ، ولاحقا من عموم سوريا ضمن تفاهم روسي - أمريكي لا بد منه لحلحلة القضية السورية وتفكيك مسبباتها ، دون أن يغيب عن الصورة هنا الأذرع الأسرائيلية النافذة في القرار الأمريكي ، وقد ظهرت أولى علامات تنظيف سوريا من إيران وعملائها في إعلان نصر الله الخميس بأن مواقع حزبه في الحدود اللبنانية الشرقية داخل الأراضي السورية تم إخلاؤها ، تحت زعم " أن المهمة قد أنجزت" وهذا القرار هو مقدمات لقرارات أخرى ستجبر إيران على اتخاذها في قادم الأيام .
الأردن لا يُجَرَب ، وهو قوي بجيشه وبشعبه ، ولديه من الإمكانيات والتحالفات والقوة ما يمكنه من تدمير أي عدوان عليه ، ولا نقول رده على أعقابه ، وإسقاط الطائرة المسيرة رسالة رغب الأردن بإرسالها وهي أنه سيواجه أي محاولة اختراق مهما صغرت بالقوة الصارمة ، وهي رسالة يأمل الأردنيون أنها قد وصلت ، أما إذا لم تصل ، فبالتأكيد : هناك لكل مقام مقال .
د.فطين البداد