لغز قانون تسجيل الأراضي الجديد
أقر مجلس الوزراء مؤخرا مشروع قانون معدل لقانون رسوم تسجيل الأراضي لسنة 2017 ، مبررا ذلك بأن مشروع القانون هذا يجيء " لتحقيق مبدأ الدقة في تقدير أسعار الأراضي والعقارات واستيفاء الرسوم عنها بعيدا عن الاجتهاد ".
ويقول البعض بأن هذه الطريقة تهدف لتحصيل أموال أكثر ، رغم أن الحكومة بررت الخطوة في أن الطريقة المتبعة : " تعتمد بالدرجة الاولى على الاجتهاد ويعتريها العديد من السلبيات ومنها الكلفة الادارية اذ تحتاج كل معاملة بيع الى اجراء كشف حسي لتقدير القيمة السوقية للعقار " بالإضافة إلى أنها طريقة " بدائية " كما وصفتها الحكومة في مبررات الأسباب الموجبة للتعديل .
وإذا أخذنا ما نص عليه التعديل وهو أن تقوم لجان محددة وكل ثلاث سنوات بإعادة تقدير أسعار الأراضي والعقارات فإن هذا يعني بأن الحكومة ستجد دائما معينا لا ينضب لتحصيل مزيد من الأموال من خلال الرسوم ( هذا عدا الضرائب المقررة أصلا بقانون ) ، إذا افترضنا أن توحيد أسعار الأحواض هو تحصيل حاصل بموجب هذا التعديل ، وإذا كان ذلك كذلك فإن هذا أمر من شأنه أن يضرب القطاع نفسه مع أن قراءة أخرى تقول العكس .
وبصراحة ، فإن متخصصين وخبراء في القطاع ينتظرون تفسير مزيد من البنود لتتضح أمامهم الصورة ، وهذه أيضا إشكالية تشي بأن مشروع القانون نفسه مطاط وغير واضح ، مع أن ما سيجري بعد إقرار القانون هو تحصيل ضرائب إضافية بمسمى " رسوم " وشتان ما بين الضريبة والرسوم .
يذكرني مشروع القانون هذا بقرارات أخرى تتعلق بأموال صندوق الطالب الفقير ، مع الفرق طبعا ، ولا بأس من الحديث عنه باختصار :
فقد فوجئ مئات الأردنيين أنهم مطلوبون للقضاء ومحجوزة أملاكهم بسبب قروض من صندوق الطالب الفقير سبق واستدانوها حيث أوقف السداد على التعيين ، ولما تخرج آلاف الطلاب والطالبات ولم يجدوا فرصة عمل لسداد قروض دراستهم ، تم الحجز على أملاك آبائهم وكفلائهم بدون حكم قضائي طبيعي ، إذ يفاجأ الأردني الذي يسكن في غرفتين ورثهما عن أبيه وجده مثلا - بأنه مطلوب لمراجعة دائرة تحصيل الأموال العامة التابعة لوزارة المالية ، وعندما يذهب إلى هناك يجد نفسه مطلوبا للحاكم الإداري في منطقته وكأنه مجرم ، فيضطر المسكين لسداد ما عليه لأنه يرغب في إنهاء معاملاته لدى الدولة ، وبعدها أعانه الله في " المطاردة " على دائرة السير لفك حجز سيارته إن كان عنده سيارة " خردة " وعلى المحافظ لكف الطلب عنه ، وعلى دائرة الأراضي التي تسجل الحجز تلقائيا ،والتي وضعت الحكومة مشروع قانون لتحسين تحصيل رسوم تسجيلها كما قلنا أعلاه .
طيب : إذا كانت قروض الطلاب الفقراء وهي قروض تافهة بالمناسبة لا تتعدى في الفصل الدراسي الواحد 120 دينارا لكل طالب وطالبة محسوبة على صندوق الطالب الفقير في الجامعات ، وإذا كان الطالب أو الطالبة مرهون سداده للقرض بالتعيين بعد التخرج ، وطالما لم يتم التعيين ، وهو شرط السداد ، فلماذا تطاردونه وهو في بيته ، وتلاحقون كفلاءه ، وبدون أي مسوغ قانوني ولا حكم قضائي قطعي .. كيف يحدث هذا في الأردن ؟ .
وكما قلنا ، فإن مشروع القانون المعدل لقانون رسوم تسجيل الأراضي لسنة 2017 لا زال غامضا ، ولربما يحوي في داخله مفاجآت غير سارة للمواطنين والمستثمرين ، تماما كتلك التي فوجئ بها الطلاب الفقراء وذووهم وما فعله بهم صندوق الطالب ودائرة تحصيل الأموال العامة ، مع الفرق بين هذا وذاك كما قلنا ولكن النتائج واحدة .
بمعنى : قد تستفيق من نومك ذات يوم فتجد أن عليك أموالا يجب دفعها ، والسبب أنك بعت قطعة أرض تفطنت الحكومة الآن أن ما استوفته من رسوم عليها لا يتماشى مع تقديرات قانونها العتيد الذي يخشى كثيرون أن يطبق بأثر رجعي.
أما إن قال قائل : ليس معقولا أن يطبق بأثر رجعي ، ولهؤلاء أقول :
ألم يطبق نظام الأبنية الجديد بأثر رجعي على البنايات القديمة والحديثة ؟ .
د.فطين البداد