انتخابات اللامركزية في الأردن
إذا كان قانون اللامركزية هو الأول من نوعه في تاريخ الأردن ، فإن الوعي الجماهيري بهذا الإستحداث الدستوري لا زال قاصرا عن الوصول إلى قناعة حقيقية بهذا القانون الهام الذي سيبدأ استحقاقه يوم الثلاثاء القادم : الخامس عشر من آب الحالي .
لماذا نقول ذلك ؟ .
لأن الإنتخابات "المحلية" السابقة ( قبل إقرار القانون ) مثلا ، شارك فيها أقل من 10 % من الناخبين ، أي أن الأردنيين في ذلك اليوم الذي أعلنت فيه الإنتخابات لم يخرجوا من بيوتهم ، وأعتقد بأن يوم الثلاثاء القادم ، سيكون حاسما في تشخيص حالة الوعي الإجتماعي عندما نعلم بالأرقام كم هي نسبة المشاركة .
ونذكر الأردنيين هنا ، بأن فكرة اللامركزية جاءت بأمر من الملك لحكومة سمير الرفاعي في العام 2009 ، حيث أوعز جلالته بالشروع في العمل على إخراج قانون اللامركزية لكي تحكم الأقاليم نفسها بدون تدخل من المركز ، وذلك استنادا إلى قاعدة أن أهل مكة أدرى بشعابها ، إلا أن الذي حصل بعد ثماني سنوات من ذلك العام ، أننا أنتجنا قانون لامركزية قاصرا عما طلبه الملك ، ولكنه ، برغم ذلك ، خطوة في الإتجاه الصحيح نحو حكومات "استشارية " مصغرة .
نقول استشارية ، وليس تنفيذية ، لأن القانون الذي تم إقراره وسيتم الإقتراع على أساسه لم يمنح الأردنيين صلاحيات كاملة في تشكيل مجالسهم في المحافظات ، بل سمح للحكومة بتعيين نسبة 15 % من الأعضاء بدون انتخاب ، مع أن الأصل أن يكون المجلس كله منتخبا ، ولكن هذه النسبة تعتبر مقبولة نوعا ما لكون اللامركزية تجربة أولى في صفحات الإصلاح التي يطويها الأردن بالتدريج .
أما المثلبة الثانية التي يعاني منها القانون ، فهي أنه لم يمنح صلاحيات لمحاسبة الأعضاء الذين يتم انتخابهم إذاما ارتكبوا أي مخالفات ، مما يعني أن مجلسي النواب والأعيان لم يفطنا لهذه القضية ، أو أنهما فطنا فآثرا تطنيشها .
أما ثالثا فهو عدم السماح للجان الرقابية من الوصول إلى اللجان الخاصة بعد الإقتراع " المرحلة النهائية " .
وأيا كان الأمر ، فإن تعديلا على القانون بعد الإنتخابات يعتبر واجبا ، لتجرى الإنتخابات التي تلي هذه بعد أربع سنوات بدون أية مآخذ .
إن الإنتخابات ، والتي أدعو الأردنيين ممن يحق لهم التصويت إلى المشاركة فيها مهمة لأنها تشرك أبناء المحافظات في إدارة شؤونهم ، وإن كانت هذه الإدارة استشارية كما قلنا .
إن عملية الإصلاح التي يشهدها بلدنا تتطلب مشاركة الجميع في إنجاحها ، مع الوعي بالنواقص ، وفي نفس الوقت عدم السماح لهذه النواقص بإيقاف أو تخريب مسيرة إصلاحية ناجحة سجلها الأردنيون بوعيهم الوطني وإدراكهم لمخاطر كانوا هم جميعا وبكل فخر من حيدوها يدا بيد وكتفا بكتف ، حتى عبر البلد من بوابة السلامة بحمد الله وسط محيط يعيش الظلام والدمار والخراب .
مارسوا حقكم في الإقتراع ، وحذار من المثبطين والمرجفين وقوى الشد العكسي التي تريد أن يظل الأردن : " مكانك سر " .
د.فطين البداد