عن الإستراتيجية الوطنية لإصلاح التعليم في الأردن
إذا كانت الإستراتيجية الوطنية للتعليم تسير على الوتيرة التي تسير عليها حتى الآن ، فنحن بخير .
وإذا كان وزير التعليم العالي مقتنعا بما قاله في الندوة النقاشية التي أقيمت الأسبوع الفائت في جمعية العلوم السياسية ، وهي الندوة التي تسنى لي مشاهدتها عبر فيديو سجلته المدينة نيوز ، فإن المطلوب من زملائه المعنيين بلجنة التطوير ، وهما وزيرا العمل والتربية والتعليم ، أن يكونا بنفس الحماس ، ويجيبا عن أسئلة الناس أيا كانت ، وفي أي اتجاه ذهبت .
وأحب التذكير هنا بأن هذه الإستراتيجية تعتمد بالدرجة الأولى على تطوير الموارد البشرية لإيقاع التطوير من نقطة صفر ، أي أنها تشمل كل مراحل الدراسة ، بدءا من الروضة مرورا بالمدرسة ، وانتهاء بالجامعة وهو ما كنا ولا زلنا ندعو إليه بقوة .
ولما أحدث التغيير ، وليس التطوير الذي أجري على المناهج هزة في المجتمع الأردني مؤخرا ، حينما سلك "المغيرون " الطرق الأسهل من خلال إجراء تعديل على المناهج ، وليس استحداث مناهج جديدة ، فقد تبينت للرائي المقاصد التي هدف ذلك " التغيير " للوصول إليها ، إذ ظهرت النتائج النصية، والتصويرية وكأنها تنشد الحداثة الغربية فقط دون التفات لخصوصية وقيم المجتمع وموروثه الحضاري ، وعقب ذلك اكتشفت الحكومة أنها وقعت في مطب كبير فأدركت بأن التعديل ليس حلا ، خاصة بعد أن أجريت مقارنات بين الكتب القديمة والمستحدثة ، وأدركت بعمق أن وضع مناهج جديدة هو الحل .
وما من شك ، فإنه ما من أحد لا يريد تطويرا على التعليم ، ولكن الذي يخشى جانبه في هذه القضية هو أن يجيء الإصلاح والتطوير على حساب التاريخ العربي والإسلامي الناصع .
وأيا كانت رؤية المطورين أو المغيرين لتراثهم فإن تجاهل التاريخ أو شطبه ليس سوى بتر جزء من جسد الأمة وتلقيمه لأفواه ضباع فاغرة لا تشبع حتى تلتهم الجسد كله .
فلنحدث ثورة إصلاحية تعليمية شاملة كما هو المخطط الآن ، ولنقف في وجه قوى الشد العكسي ولكن ضمن قواعد واضحة وراسخة فالتاريخ في كل مناهج العالم المتمدن يدون بحلوه ومره ، ولا يتم اجتزاؤه أو توظيفه ، بل يوضع مجردا من أي استحداث قل أو كثر:
في وسط العاصمة الإيطالية تمثال لنيرون ينتصب قريبا من مدرج الكولسيوم، ولمن لا يعرف نيرون ،فإنه ذلك الإمبراطور الذي أحرق روما .
د.فطين البداد