عن كبار السن الأردنيين في دور الرعاية الإجتماعية
في غمرة انشغال الأردنيين بندوة طارق خوري عن سبب عزوف الأردنيين من أصل فلسطيني عن المشاركة بالإنتخابات ، والحديث عن افتتاح معبر طريبيل الذي سيغدق على الأردنيين السمن والعسل كما قيل ، والحديث عن ارتفاع نسبة البطالة ، وفي غمرة انشغال الناس بالعيد والأضاحي والزيارات وغيرها، لفت انتباهي خبر يتحدث عن تخصيص رئيس الوزراء هاني الملقي مبالغ مالية لدعم الجمعيات التي تهتم بكبار السن في الأردن ، وهي جمعيات كثيرة ومتعددة ، وتشرف عليها جهات خاصة تحت مظلة اجتماعية شبه رسمية كون ترخيصها صادرا عن وزارة الشؤون الإجتماعية .
كبار السن ، أو أولئك الذين وجدوا أنفسهم بعد " شيبتهم " و" عجزهم " على قارعة الطريق ، أو في دور الرعاية الإجتماعية لا تتذكرهم الحكومة والمجتمع إلا في الأعياد ، بل إن أحدا لا يعرف شيئا عن أحوالهم : لا تقارير دورية تصدر عن وزارة التنمية الإجتماعية تنبئ الرأي العام عن أحوالهم ، ولا تقارير رسمية أو أهلية أخرى تصور واقعهم واحتياجاتهم ، وهل يقام بواجبهم فعلا في هذه الجمعيات ، وهل هنالك تجاوزات عليهم في بعضها .. جميل أن نتذكرهم في هذه الأيام ، ولكن الأجمل أن لا ننساهم في بقيتها .
كم من رجل أفنى زهرة شبابه يعمل لصالح أبنائه وتنشئتهم وتدريسهم ، ليجد نفسه نهاية المطاف بين أيد غريبة ، هي غريبة مهما أعطت ومهما فعلت ، ببينما يعيش أبناؤه الدنيا طولا وعرضا ولا يزورنه إلا في الأعياد ، هذا إن زاروه .
وكم من أم بذلت كل عمرها في تربية فلذات أكباد نبذوها بعد شيبتها في منزل غريب ،دون مراعاة للسنوات التي كدحتها في سبيل تأمين الأمن والأمان لهم في حضن هو أكرم الأحضان عند الله وأنقاها على الإطلاق .
كم نحن بحاجة لدفء قلوب هؤلاء وبساطتهم ، وكم نحن بأمس الحاجة لأحاديثهم وهم بيننا هانئين آمنين ، وليس بين جدران أربعة لا تعني لهم شيئا ، اللهم إلا تأمين الزاد والدواء ومؤونة الحياة إن كانت الدار التي تستضيفهم تتقي الله فيهم .
لقد قرن الله تعالى عبادته ببر الوالدين : ( وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ۚ إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا (23) وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا) (24) - الإسراء .
ولمن تجردوا من إنسانيتهم من الأبناء " القادرين " على رعاية والديهم مباشرة أو في بيوتهم أقول : كم هم بحاجة إليكم ، ولكني أقول لكم أيضا : كم أنتم بحاجة لدعائهم .
لو كنتم تفقهون !.
د.فطين البداد