خطاب العرش .. خريطة طريق واضحة الخطوط والإتجاهات
أجمع المراقبون أن خطاب العرش السامي الذي ألقاه الملك في افتتاح الدورة العادية الثانية لمجلس الأمة كان خريطة طريق واضحة ، وخاصة في ما يتعلق بالجانب التنموي والإقتصادي والإصلاحات الهيكلية والمالية .
لا يكاد خطاب لجلالته يخلو من تأكيد على توفير بيئات صحية للإستثمار ، وهو ما نأمل أن تتخذه الحكومة هدفا استراتيجيا نظرا لما يعترض طريق التنمية في الأردن من عقبات لا تخفى على أحد ، خاصة المتعاطين للإقتصاد والمال والأعمال .
ولا يخفى بأن خطاب الملك شدد على أمن الأردنيين والحكومة الألكترونية ومكافحة الإرهاب ، وفي قلب الخطاب تبدت التحديات الإقتصادية التي هي بيت القصيد في أغلب متاعب البلد في شتى المجالات ، بما فيها المسألة الأمنية والأمن الإجتماعي ضمن أوجهها المختلفة . .
وإذا كان لا بد من استحضار شيء ما ، فإنه لا بد من الإشارة هنا إلى أوراق الملك النقاشية ، ونخص بالذكر منها الورقة السادسة ، والتي هي في مجملها حرص وتأكيد على مدنية الدولة الأردنية ، وسيادة القانون والعدالة واستقلال القضاء ، وكلها محفزات اقتصادية جاذبة لرؤوس الأموال ، ومفعلة للرساميل الموجودة والعاملة .
وقد شهد البرلمان بغرفتيه منذ الدورة الأولى والإستثنائية الماضيتين إقرار العديد من التشريعات التي سيكون لها الفضل في تعزيز استقلال القضاء وسرعة إجراءات التقاضي بما يعزز من ثقة المستثمرين ، حيث شهدنا التعامل الواقعي والعصري مع قوانين مثل أصول المحاكمات ، وقانون البينات وقانون التنفيذ القضائي ، وكلها توطد من سلطة القانون في البلد وتؤشر إلى مستقبل طيب بإذن الله .
وكما هي عادة جلالته ، فقد كان صريحا وواضحا عندما دعا الأردنيين إلى الإعتماد على الذات وأن لا ينتظروا أحدا يقدم لهم المساعدة إن لم يقدموها هم لأنفسهم ، حيث ظهر و اضحا أنا مقبلون على مرحلة جديدة .لا بد من الأستعداد لها ، وقد بدأ هذا الإستعداد عمليا في الإنتخابات اللامركزية ومجالس المحافظات والبلديات .
ويجدر بالذكر هنا أن كثيرا من المشتغلين بالإقتصاد يغفلون برنامجا اقتصاديا للنمو صدر عن مجلس السياسات ، وإذا سألت كثيرا من الأردنيين عن طبيعة هذا البرنامج فستصدمك حقيقة أن كثيرين يسمعون به للمرة الأولى ، مع أنه برنامج شامل يواجه جميع التحديات التي تعترض اقتصاد الأردن وتقترح حلولا علمية غير خيالية وغير حالمة .
لقد رسم جلالة الملك في خطابه الشامل خطوط حماية الطبقتين الفقيرة والوسطى ، ولقد آن للحكومة ، والحكومات المتعاقبة أن تستمر في تحفيز النمو ، ولكن ليس على حساب هاتين الطبقتين ، بل البحث عن بدائل ذات جدوى .
خطاب هو بحق خارطة طريق لا بد من اعتماد جميع خطوطها لكي نصل بإذن الله إلى بر الأمان في هذا الخضم المتلاطم الذي نعيش وسطه وعلى جوانبه .
د.فطين البداد