آل سِـراج / الطائف
تنويه هام
أتلقى العديد من الرسائل والإتصالات الهاتفية العاتبة أحيانا والغاضبة أحيانا تتهمني بتفضيل بعض العشائر والعائلات في ترتيب عملية النشر ، أرجو أن أشير إلى أن هذه الحلقات التي تتناول وزراء العشائر والعائلات الأردنية والفلسطينية الذين شاركوا في حكومات أردنية يتمُّ نشرها ( حسب تاريخ المشاركة في الحكومة ) وليس لأية إعتبارات أخرى ، مؤكدا أن الدراسة لن تستثني أية عشيرة أو عائلة بإذن الله .
********
• الشيخ عبد الله سراج من عائلة سراج في الطائف ، ولد في مكـَّـة المكرمة ، وأنتخبه أهلها نائبا لهم في مجلس المبعوثان العثماني .
• بأمر من الشريف الحسين بن علي خطب الشيخ سراج في المسجد الحرام معلنا الثورة على الأتراك في نفس الوقت الذي أطلق فيه الشريف الحسين الرصاصة الأولى من قصره .
• الشيخ سراج ترأس ثاني حكومة في عهد الملك علي بن الحسين في الحجاز .
• الشيخ عبد الله سراج ، أول وآخر رئيس وزراء مُعَمَّمْ في تاريخ الدولة الأردنية .
• في حكومة الشيخ سراج تمَّ لأول مرة في تاريخ الدولة الأردنية إنشاء قوة البادية الأردنية .
• حكومة سراج كانت أول حكومة أردنية تمارس الفصل بين السلطات وتمنع ازدواجية الجمع بين منصب الوزارة ومنصب النيابة .
**************
الشيخ عبدالله عبد الرحمن عبد الله سراج
ولد الشيخ عبد الله سِـراج في مكـَّـة المكرَّمة في عام 1293 هـ / 1873 م وقرأ على والده والتحق بالمدرسة الصولتية ثم تتلمذ على علماء مكة المكرمة وسافر إلى مصر مع والده والتحق بالأزهر، واتجه بعد ذلك إلى الهند ثمَّ لأندونيسيا ثم إستانبول، وشغل منصب مفتي الأحناف في مكة المكرمة في عهد الأشراف ورئيسا للوكلاء وقاضي القضاة عام 1348هـ ، ودخل الشيخ عبدالله عبد الرحمن عبد الله سراج نادي رؤساء الحكومات في الإمارة الأردنية مباشرة دون أن يكون قد شغل المنصب الوزاري ، ففي 22/2/1931 عهد الأمير المؤسِّـس عبد الله الأول بن الحسين ( الملك فيما بعد ) لصديقه الشيخ عبد الله سراج بتشكيل الحكومة العاشرة في عهد الإمارة ، فكانت المرة الأولى والأخيرة في تاريخ الدولة الأردنية التي يتولى فيها شيخ مُعَمَّمٌ رئاسة الحكومة ، ومن اللافت للإنتباه أن الشيخ سراج تولى بالإضافة لرئاسة الحكومة مناصب أخرى هي منصب قاضي القضاة الذي كان يأتي ترتيبه بروتوكولياً بعد رئيس الحكومة مباشرة ، كما شغل منصب وزير الداخلية ومنصب وزير المالية ، وضمَّت حكومة الشيخ المُعمّم إلى جانبه 4 وزراء هم عمر حكمت وزيراً للعدلية ( العدل ) ، وشكري شعشاعة مديراً للخزينة ، وأديب الكايد العواملة مديراً للآثار ، وعودة القسوس نائباً عاماً ، وشغل توفيق أبو الهدى التاجي الفاروقي ( الرئيس لاحقا ) منصب سكرتير مجلس الوزراء ، واستمر الشيخ عبد الله سراج على رأس حكومته من 22/2/1931 م إلى 18/10/1933 م ، أي حوالي عامين وثمانية أشهر ، وفي حكومة الشيخ سراج تمَّ لأول مرة في تاريخ الدولة الأردنية إنشاء قوة البادية الأردنية في شهر تموز من عام 1931 م ، وخلت حكومة الشيخ عبد الله سراج من وزراء من أعضاء المجلس التشريعي كما جرت العادة في الحكومات التي سبقتها ، فكانت أول حكومة أردنية تمارس الفصل بين السلطات وتمنع ازدواجية الجمع بين منصب الوزارة ومنصب النيابة .
وكانت حكومة الشيخ عبد الله سراج أول حكومة أردنية تقال إقالة مباشرة ، وسبب ذلك انعدام الإنسجام بين المجلس التشريعي المنتخب وبين حكومة الشيخ سراج التي واجهت معارضة شديدة من غالبية أعضاء المجلس التشريعي ، وعزا بعض المحللين في حينه حالة عدم الإنسجام بين المجلس التشريعي وبين حكومة الشيخ سراج إلى أن الشيخ عبد الله سراج كان أول رئيس حكومة يستبعد أعضاء المجلس التشريعي عن التشكيلة الحكومية كما كان يفعل الرؤساء الذين سبقوه لقناعته بضرورة الفصل بين السلطات وبضرورة منع ازدواجية الجمع بين منصب الوزارة ومنصب النيابة ، وكان مبرِّرُه في ذلك أنه يخشى أن لا يستطيع أعضاء المجلس التشريعي ، إذا جمعوا إلى جانب صفتهم التمثيلية للشعب منصب الوزارة ، التوفيق بين مسؤولياتهم تجاه الشعب الذي يمثلونه وبين مسؤولياتهم التنفيذية كوزراء التي تفرض عليهم أحياناً اتخاذ قرارات لا تحظى بقبول شعبي ، ولهذا السبب تفاقمت حالة عدم الإنسجام بين المجلس التشريعي وبين حكومة الشيخ المعمَّم عبد الله سراج ، وعمد أعضاء المجلس التشريعي إلى مقاطعة اجتماعات المجلس ، فكان رئيس الحكومة ووزراؤه يحضرون إلى المجلس فلا يجدون أحداً ، وتكرَّر ذلك لفترة زادت عن أسبوعين ، ووصلت الأزمة بين المجلس التشريعي وحكومة الشيخ سراج إلى ذروتها عندما رفضت الغالبية في المجلس التشريعي المصادقة على الموازنة التي قدمتها الحكومة ، فوجد الأمير الراحل عبد الله بن الحسين نفسه بين أمرين ، إما أن يبقى الحكومة ويعلن حل المجلس التشريعي ، أو العكس ، فأبقى على المجلس التشريعي المنتخب في 1/6/1931 م وطلب من الشيخ عبد الله سراج تقديم استقالة حكومته ، ولكن الشيخ تباطأ في تقديم الاستقالة حتى لا يبدو أنه استقال تحت ضغوط معارضيه من أعضاء المجلس التشريعي ، فأصدر الأمير في 18/10/1933 م إرادة أميرية بإقالته وإقالة حكومته فكانت أول وآخر حكومة في تاريخ الدولة الأردنية تقال علناً بإرادة سامية .
ويذكر كتاب ( أعلام الحجاز ) لمؤلفه الباحث محمد علي المغربي أن أسرة الشيخ عبد الله سراج من أسر الطائف المعروفة ، وقد ادرك عبد الله سراج اباه وتلقى عن والده الكثير من العلم والمعرفة ، وصاحبه حينما نفاه الشريف عون الرفيق مع عدد من علماء مكَّـة المكرَّمة إلى جدة ، وفي المسكن البسيط الذي لجأ اليه في جدة زار الشيخ عبد الرحمن سراج موفد من المعتمد البريطاني في جدة وعرض على الشيخ عبد الرحمن سراج أن الحكومة البريطانية مستعدة لنقله في بارجة حربية إنجليزية إلى الهند ليتولى منصب قاضي القضاة هناك إذا أصدر فتوى تجيز أن يكون للمسلمين خليفتان في وقت واحد ، فرفض الشيخ عبد الرحمن العرض وطرد الموفد الإنجليزي قائلا له : إرجع لسيدك فأخبره اني لا أبيع ديني بدنياي .
وعندما سافر الشيخ عبد الرحمن سراج إلى مصر بعد أن زادت مضايقات الشريف عون الرفيق للعلماء صحبه نجله عبد الله ، وعندما علم رئيس وزراء مصر في ذلك الوقت مصطفى فهمي باشا بقدوم الشيخ ونجله أنزلهما في ضيافته ، وبقي عبد الله إلى جانب والده إلى حين وفاته في سنة 1314هـ ، وكان عبد الله سراج في ذلك الحين فتى يقترب من العشرين من العمر ، ووجد نفسه وحيدا في مصر فالتحق بالجامع الازهر ، وحصل على شهادة العالمية من الأزهر ، ثمَّ ذهب إلى الهند وصلى بالمسلمين هناك صلاة التراويح في شهر رمضان في مدينة حيدر آباد ، وعندما علم الشيخ عبد الله الزواوي مفتي الشافعية الذي كان من بين العلماء الذين نفاهم الشريف عون الرفيق وكان قد هاجر إلى جاوه – اندونسيا - بوجود الشيخ عبد الله سراج في الهند دعاه للقدوم إلى جاوة فسافر إليها ومكث فيها فترة ثمَّ عاد إلى الهند ، ثمَّ انتقل إلى استانبول ( الآستانة ) عاصمة الخلافة العثمانية في ذلك الزمان واستقرَّ بها وزار الشريف الحسين بن علي الذي كان مقيما في حي البشكطاش ، فدعاه الشريف حسين إلى الاقامة في ضيافته وبقي معه في الآستانة ثمانية عشر عاما ، وكانت غرفته مجاورة لغرفة الشريف عبد الله بن الحسين ، فتوثقت صلة عبد الله سراج بالشريف عبد الله بن الحسين واستمرَّت علاقتهما الوثيقة بعد أن أصبح الشريف عبد الله بن الحسين أميرا لإمارة شرقي الأردن ، وفي أثناء اقامته بالآستانة توثقت صلة الشيخ سراج برجال الدولة في عهد السلطان عبد الحميد فنال ثقتهم وأنعم عليه السلطان عبد الحميد بالوسام الحميدي .
وعندما قام حزب الإتحاد والترقـِّـي الطوراني الذي كان معظم قادته من يهود الدونمة ومن الماسونيين بخلع الخليفة العثماني عبد الحميد ونفيه إلى سالونيك ، حدثت في الحجاز إنتفاضات ضد الإتحاديين تعاطفا مع السلطان عبد الحميد خليفة المسلمين ، وعجز أمير مكـَّـة المكرَّمة عن مواجهتها ، فاضطر الإتحاديون إلى عزله وتعيين الشريف عبد الله بن محمد ابن عون أميرا عليها ، ولكن المنية عاجلته قبل ان يصل إلى مكة فتوفي بعد خمسة ايام من تعيينه ، فأوكلت الولاية إلى الشريف الحسين بن علي فتوجَّـه من إستانبول إلى مكة ، وعاد اليها في معيِّـته الشيخ عبد الله سراج ، وأسند الشريف الحسين إلى الشيخ عبد الله سراج وظيفة الافتاء التي كان يتولاها أبوه الشيخ عبد الرحمن سراج ، وجده الشيخ عبد الله سراج الذي كان رئيسا لعلماء مكة ، وعندما صدرت أوامر الإتحاديين بانتخاب مبعوث ( نائب ) عن كل خمسين ألف شخص ليكون عضوا في مجلس المبعوثان ( مجلس النواب ) انتخب أهالي مكـَّــة المكرَّمة المفتي الشيخ عبد الله سراج ، ولكنه لم يلبث أن استقال ، وتردَّد أن استقالته كانت بتشجيع من أمير مكـَّـة المكرمة الشريف بعد ان ظهرت لدى الإتحاديين من يهود الدونمه والماسونيين الذين تسلطوا على الدولة العثمانية بوادر العنصرية ضد العرب ، وعندما أعلن الشريف الحسين بن علي الثورة على الإتحاديين في 19 شعبان 1334هـ طلب من الشيخ عبد الله سراج مفتي الأحناف في مكة الخطابة في المسجد الحرام معلنا الثورة على الأتراك في نفس الوقت الذي أطلق فيه الشريف الحسين الرصاصة الاولى من منزله معلنا بدء الثورة ، وشارك الشيخ في معركة الإستيلاء على قلعة أجياد التي كانت بها مجموعة من الضباط والجنود الأتراك ، ولم يلبث الجيش التركي في الطائف الذي كان قوامه ثلاثة آلاف جندي أن استسلم عند منتصف ليل 22 سبتمبر سنة 1916م ( 24 ذي القعدة 1334 هـ) وجاء الوالي التركي غالب باشا بنفسه مع ضباطه إلى المعسكر العربي خارج السور ، وسلموا أنفسهم كما سلمت القوات التركية سلاحها للجيش العربي .
وفي يوم الخميس 6 محرم 1335 هـ الموافق 3 ديسمبر 1916م جاء الشريف الحسين من قصره إلى مدرسته الخاصة الملاصقة للكعبة فدخلها يحفُّ به آله وذووه والعلماء والكبراء ، ولما استقرَّ بهم المقام قام الشيخ عبد الله سراج فبايع الحسين بالملك ولقبه بملك البلاد العربية وتبعه الناس بالبيعة ، وفي اليوم التالي أصدر الحسين أول مرسوم بتأليف أول حكومة برئاسة الأمير علي بن الحسين ، وعين الشيخ عبد الله سراج قاضيا للقضاة ووكيلا عن رئيس الوكلاء ( الوزراء ) ، ثمَّ أصبح رئيسا للحكومة ، وعندما تنازل الملك الحسين بن علي عن العرش وبويع لابنه الملك علي بن الحسين إستمر الشيخ عبد الله سراج بإشغال نفس المناصب التي كان يشغلها في عهد الحسين ، رئيسا للوكلاء ( الوزراء ) ، وقاضيا للقضاة ، ومفتيا للأحناف .
وعندما أسَّس الأمير عبد الله بن الحسين الأمارة الأردنية ارسل إلى عبد الله سراج يدعوه للحضور إلى الاردن ، ثمَّ أوكل اليه تشكيل عاشر حكومة أردنية ، وخلال رئاسته للحكومة جرى العمل على تأسيس المجلس التشريعي ، وكان من أهم إنجازات عبد الله سراج في رئاسة الحكومة الاردنية استصدار قانون يمنع بيع وتأجير الأراضي الأردنية للأجانب لقطع الطريق على اليهود الذين كانوا يخططون لشراء واستئجار الأراضي في الاردن لتوطين عائلات يهودية فيها ، امتدادا لمخططاتهم الرامية إلى الإستيلاء على الاراضي الأردنية على أمل أن يشملها وعد بلفور المشؤوم .
وينقل كتاب ( أعلام الحجاز ) عن نجل الشيخ عبد الله سراج الاستاذ حسين سراج قوله : أثناء رئاسة والدي الشيخ عبد الله سراج للوزارة الاردنية حضر اليهودي كوهين مدير مشروع روتنبرج ، وكنت أتولى الترجمة بينه وبين الوالد ، وبينما كان كوهين هذا ينتظر الاذن بالدخول على والدي أخبرني بأنه جاء بعرض ٍ مُغر ٍ للوالد يكسب منه ثروة طائلة ، فحذرت كوهين هذا من غضب الوالد حين يسمع عرضه ، فقال لي اليهودي : إنك لاتزال صغيرا فأجبته : إنك قليل الأدب ، وأذن الوالد لليهودي مدير مشروع روتنبرج بمقابلته ، وما أن أتمَّ هذا اليهودي كلامه حتى كان الوالد قد ضغط على الجرس ، فحضر الحاجب فأمره الوالد أن يضع الأصفاد في يد اليهودي ، ويسير به مخفورا إلى جسر اللنبي ويطرده خارج الاردن .
وتوفي الرئيس الشيخ عبد الله سراج في شهر رجب من عام 1368هـ الموافق لعام 1948م ، ورثاه الملك عبد الله بن الحسين في جريدة الاردن فقال عنه فيما قال : رحم الله عبد الله سراج ، عاش فقيرا ، ومات فقيرا ، وأمر بدفنه في المقابر الملكية بعمان .
ويُـعرف آل سراج في منطقة شهار / الطائف التي ينتمي إليها الرئيس الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن بن عبد الله سراج بآل المفتي بسبب تولي العديد من شيوخها لمنصب الإفتاء ، وتورد بعض المواقع إسم الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن سراج مشفوعا بكلمة " الصدِّيقي " نسبة إلى الصحابي الجليل الخليفة الراشدي الأول سيدنا أبي بكر الذي ينحدر من بني تيم بن مُـرَّة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة ، ولكن رواية أخرى تذكر أن عائلة أخرى تحمل إسم آل المفتي هم الذين ينتسبون لأبي بكر رضي الله عنه .
الشيخ عبد الله سراج.
الشيخ عبد الله سراج متوسطا وزراء حكومته.
*******
لتصويباتكم.. وتعقيباتكم.. وإضافاتكم..
تلفاكس 4206999
البريد الإلكتروني Ziad_1937@yahoo.com
ص ب 927666 الرمز البريدي 11190
*****************
تحذير : ( لا يُسمح بإعادة نشر حلقات هذه الدراسة أو أي جزء منها أو تخزينها في نطاق إستعادة المعلومات أو نقلها بأي شكل من الأشكال دون إذن خطـِّـي ٍ مسبق ٍ من معدِّ الدراسة )
**************
تنويه ... ورجاء
• أما التنويه: فإن هذه الدراسة التي استغرقني تحضيرها عدَّة سنواتٍ هي حصيلة جهد فردي غير معصوم عن الخطأ أو النسيان ...
• وأما الرجاء: فأرجو من كل من يجد في هذه الدراسة خطأً أو نقصاً في معلومة أن يعذرني وأن يتلطَّف بتصويب الخطأ أو بإكمال المعلومة الناقصة، أو بإضافة معلومة جديدة ، مع رجاء الإلتزام بأدب الخطاب والبعد عن التجريح .
*********