صورة لا تشاهد إلا في الأردن
أن يعقد اجتماع تنسيقي عاجل بين الحكومة مع القوى الوطنية والأحزاب بما فيها المعارضة والنقابات والشخصيات السياسية ، مسألة لم تكن تخطر على بال ، خاصة وأننا نتحدث هنا عن ممثلين عن حزب جبهة العمل الإسلامي والأحزاب الوطنية والقومية واليسارية والنقابات بمختلف توجهات مجالسها وممثليها ، وأيضا أن يتم الإجتماع في إحدى قاعات مجلس النواب ويتحدث فيه الجميع بنفس الهم وبنفس الهدف وبنفس المخاوف والتوجسات ، ويبحث كل هؤلاء عن آلية لاستمرار الزخم في قضية القدس ورفض خطوة ترامب .. هذا الأمر ، وهذه الصورة لا يمكن أن تحدث إلا في الأردن .
ثلاثة وزراء حضروا الإجتماع التنسيقي هم : وزير الإعلام الدكتور محمد المومني ، ووزير الأوقاف الدكتور وائل عربيات ، والمهندس موسى المعايطة وزير التنمية االسياسية حيث سجلت الكاميرات ، وخاصة المدينة نيوز التي بثت اللقاء كاملا بالصوت والصورة مداخلات متطابقة بين الحكومة والحضور في وحدة حال ومصير وهدف يجمع كل أركان الدولة الأردنية ، فما الذي جمع هؤلاء كلهم يا ترى ؟؟.
إنها القدس ، وإنه الخوف على فلسطين ، وعلى الأردن ، فلقد اقترب الخطر من الثوابت ، وبالتالي من الجميع ، ومن أجل ذلك فإن الأردن يشهد هذه الأثناء أعمق وأكبر وحدة وطنية في تاريخه الحديث ، وبات الملك يتمتع بشعبية قل نظيرها ما كان لها أن تكون بهذه القوة ، حتى لو أصبحت الأردن سويسرا في كل شيء .
لقد تمخض الإجتماع المذكور عن لجنة مهمتها ضمان استدامة التصدي للقرار الأمريكي شعبيا وحكوميا .
إن على الأردن أن يستغل المتاح أمامه وفي متناول يده الآن ، وهو إلغاء اتفاقية الغاز مع الكيان ، وهي اتفاقية عار لا يريدها الأردنيون حيث دبر أمرها بليل ، وهذا أضعف الايمان ، كما وإن عليه أن يتقدم بشكاوى لدى الجهات الدولية عن خروقات إسرائيل لاتفاقية وادي عربة ، ليكون تجميد هذه الإتفاقية تحت عين وسمع العالم الحر ، وحينها نكون قد تخلصنا من كابوس لم يجلب للأردن منذ العام 1994 حتى الآن سوى القلق والتهديد والوعيد بجعله وطنا بديلا من قبل حثالة البشر من الصهاينة المجرمين ، ولا أقول اليهود ، فأمام الأردن خطوات وخطوات ، ولعل هذا هو السبب الذي تطلب - كما أعتقد - مثل هذا الإجتماع المبارك .
إنها القدس التي لا مزاح فيها ، ولا نقاش بعروبتها وبوصايتها الهاشمية التي ورثها الأبناء عن الأجداد ، فكل شيء يهون تحت قدميها ، وكل روح ترخص في سبيل تحريرها .. ولو بعد حين !.
د.فطين البداد