الأردنيون والقدس .. حكاية تروى
عندما تزداد الضغوط وتشتد الخطوب ويصبح الأردن مستهدفا تتلاحم الصفوف ويتعاضد الشعب والدولة ، والقاعدة والقيادة ويضرب الأردنيون مثلا قل نظيره في القوة والصلابة و " الحكمة " .
هؤلاء هم الأردنيون من مختلف المنابت والأصول ، ومن مختلف العقائد ، يلهجون باسم القدس ، وباسم الأردن وباسم قيادة الأردن وشعب الأردن رغم ما يشغلهم من ضيق الحال وشح الموارد ومتطلبات الحياة بمختلف وجوهها ،فتراهم على قلب رجل واحد أخوة متحابين متجانسين ، وهو مشهد يبهج الأصدقاء ، ويغيظ الأعداء الذين لطالما سعوا إلى خراب البلاد وفناء العباد بلؤم دمغوا فيه عبر تاريخهم الأسود اللعين .
ليس في الأردن شرقي وغربي وبدوي وريفي ومدني ومسيحي ومسلم : الكل أردنيون يوحدهم ذات المصير المشترك ، لترتسم لوحة في سماء الدنيا تتحدث عن بلد صغير بحجمه ، عظيم بشعبه وبقيادته ، لا يقبل الدنية في الدين ولا الدنيا ، ويتصدى بذكاء وحكمة لمخطط الغدر الذي يقوده شخص أهوج اعتقد بأن ما دبره بليل وأعلنه بنهار سيمر ، ولكن هيهات ، فالقدس ليست للبيع ولا المساومة .
لقد بدأت الضغوط على الأردن وكان أولها قضية عمر البشير وامتناع الأردن عن القبض عليه خلال قمة عمان ، وقد كشفت كل المصادر بأن الشكوى التي قيل إن محكمة الجنايات الدولية تقدمت بها ضد الأردن في مجلس الأمن مصدرها إسرائيلي ، وإذا قلنا : إسرائيلي ، فإننا نتحدث عن أمريكا أيضا بقيادة هذا الأهوج ، ولسوف نتعرض لضغوط أمريكية أخرى : اقتصادية وغير اقتصادية ، ولسوف يحاول الكيان المحتل ومن وراءه خنقنا بكل ما لديه من دسائس ، ولكننا وبحمد الله ، قادرون على الصمود والثبات ، شريطة منع أي تصرف غير مدروس وغير حكيم ، حيث بإمكاننا الإنتصار ، ولكن بالحكمة والتؤدة ، والبقاء على الموقف أيا كانت الضغوط ، وهو ما يتطلب صبرا وجلدا وتوحدا مع الدولة بكل شيء حتى يتسنى لنا العبور بسلام والحفاظ على قدسنا الحبيبة الغالية في حدقات عيوننا وسويداء قلوبنا ، وهذا هو دأب الأردنيين عبر التاريخ .
إنها وديعة السماء إلى الأرض ، والتي تهون دونها الأرواح والأموال والأولاد ، ولكن ترامب وحاشيته ومن لف لفهم لا يعلمون .
د.فطين البداد