لماذا اصطحب الملك أشقاءه الأمراء إلى قمة اسطنبول ؟
لعل جلالة الملك تعمد في قمة اسطنبول التي عقدت الجمعة في إطار قمة استثنائية لمنظمة التعاون الإسلامي محورها نقل السفارة الأمريكية إلى القدس المحتلة وما تشهده فلسطين وغزة من أحداث ، لعله تعمد أن يرافقه في حضور القمة أشقاؤه الأمراء ، في خطوة رمزية تؤكد وتذكر بأن القدس المحتلة هي وصاية هاشمية كابرا عن كابر .
فقد اصطحب الملك معه إلى القمة أشقاءه الأمراء : علي وحمزة وهاشم ، وهم أبناء المغفور له الحسين ، الوصي على القدس ووريث الحسين بن علي في مشهد رمزي يعود بالذاكرة إلى أولئك الرعيل من الهاشميين الذين حملوا الأمانة وقضوا في سبيل القدس والأقصى والعرب إما منفيين وإما مضرجين بالدماء على عتباته الشريفة .
ولقد استهل الملك كلمته الرئيسية في المؤتمر بقوله أمام زعماء وممثلي العالم الإسلامي : "
"بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على سيدنا محمد، النبي العربي الهاشمي الأمين " ، وهو استهلال كبير وذو معنى مقصود لما لهذه المفردات من دلالات سياسية أراد الملك أن ترسخ في القمة وتكون من ضمن وقائع جلساته الرسمية .
وأول ما بدأ الملك حديثه هو تحية شهداء فلسطين قائلا : "
" السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، الرحمة لشهدائنا في فلسطين " .
وأول محور في الخطاب كانت " القدس " ، حيث خاطب الملك الزعماء ورؤساء الوفود قائلا : "
" القدس قبلتنا الأولى، القدس توأم عمّان، القدس مفتاح السلام والوئام ، والسلام سبيله الوحيد هو إنهاء الاحتلال، وقيام الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود الرابع من حزيران 1967، وعاصمتها القدس الشرقية" .
وعن الموقف الأردني من القرار الأمريكي بنقل السفارة ، أعاد جلالته موقف الأردن الثابت بقوله "وهنا أقتبس " :" إخواني، قبل حوالي خمسة أشهر من اليوم، التقينا لمواجهة التبعات الخطيرة للقرار الأمريكي بالاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، وها نحن اليوم نلمس النتائج التي حذرنا منها، وهي: إضعاف ركائز السلام والاستقرار، وتكريس الأحادية، وتعميق اليأس الذي يؤدي إلى العنف ".
أضاف الملك وهنا أقتبس أيضا : " وطيلة هذه المدة، عمل الأردن بالتنسيق مع الأشقاء والأصدقاء من أجل الحدّ من تداعيات هذا القرار. وموقفنا الثابت هو أن القدس الشرقية أرض محتلة " .
وعن غزة ، التي هي في النهاية غزة هاشم ، حيث قضى هاشم جد النبي عليه الصلاة والسلام فيها ، قال الملك : إن الاعتداءات والانتهاكات التي تمارسها إسرائيل ضد الشعب الفلسطيني الشقيق في قطاع غزة، وغيره من الأراضي الفلسطينية، يجب أن تتوقف، وعلى المجتمع الدولي أن يتحمل مسؤولياته أمام التاريخ، وعلى سائر شعوب العالم وأصحاب الضمائر الحية أن يتحملوا مسؤولياتهم في حماية الشعب الفلسطيني، وتمكينه من نيل حقوقه وإنهاء الاحتلال والظلم والإحباط " .
وبعد أن عرج الملك على ما كان يجب التعريج عليه لتأكيد موقف الأردن الثابت منه ، حول فلسطين عموما وحول ما يجري في غزة خصوصا ، عاد إلى قضية القضايا : " القدس " ليؤكد للقادة العرب والمسلمين مرة أخرى وصاية الهاشميين على المدينة المقدسة ، حيث قال : " إن الوصاية الهاشمية على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس، وكما أكدت في القمة العربية الأخيرة، واجب ومسؤولية تاريخية نعتز ونتشرف بحملها، وسنواصل وبالتنسيق مع أشقائنا في السلطة الوطنية الفلسطينية، وبدعمكم ومساندتكم، حمل هذه المسؤولية والعمل على تثبيت صمود المقدسيين، والتصدي لأي محاولة لفرض واقع جديد أو تغيير الوضع التاريخي والقانوني القائم " .
هذا هو موقف الأردن الثابت الآن وغدا وبعد غد ، فالوصاية الهاشمية على القدس خط أحمر ، يراد أمريكيا وإسرائيليا تجاوزه عنوة ، بل إن الملك سبق وكشف ذلك في لقائه الأخير في الجامعة الأردنية عندما قال : بأن الضغوط على الأردن مستمرة ، وإنه تم الطلب منه غض الطرف عن موضوع القدس مقابل مساعدات ضخمة تنتشل الأردن من كبوته الإقتصادية ، ولكن هيهات ، فإن الحرة تجوع ، ولا تأكل بثدييها .
هذه هي مواقف ملك الأردن والهاشميين التي تكتب بمداد من نور عبر الأجيال وعلى مر الأحقاب .
د.فطين البداد