حبة القمح والدجاجة في الإعلام الاردني
يفاجأ المرء هذه الأيام بتصريحات تصدر عن أردنيين يطالبون بالتضييق على الحريات بدعوى حفظ الحقوق الشخصية ومنع اغتيال الشخصية ، وكأن البلد " سايب " ولا يوجد فيه قوانين صارمة تلجم كل من يفعل ذلك سواء في الأوساط الإعلامية التقليدية أو حتى عبر الإعلام الإجتماعي .
ليس من أحد يقبل بأن يتم اغتيال شخصيته ، وما من دولة تحترم مواطنيها ودستورها تقبل أن يحدث ذلك ، ولكن هذا شيء ، وأن يصبح اغتيال الشخصية مشجبا للعصف بالإعلام والتضييق على الإعلاميين فإن هذا أمر يضر بالجميع داخليا وخارجيا .
بإمكان من يتم اغتيال شخصيته اللجوء للقضاء ، وأعتقد أن القضاء سجل في الفترة الأخيرة حسما وحزما تجاه قضايا من هذا النوع ، ولكن لا يجوز بأي حال أن تنعكس التجارب الشخصية على المواقف المتعلقة بالشأن العام ، بحيث يصبح الإعلام متهما ويجب لجمه وزج ممارسيه في السجون .
كنت من خلال هذه الزاوية الأسبوعية وعلى مدار سنوات أحد المنادين بسن قوانين تقطع دابر المسيئين والمبتزين والفوضويين العبثيين الذين يتصيدون الناس حتى في بيوتهم ، ولكن الذي جرى هو سن قوانين قطعت أنفاس الناس وحرياتهم في الأغلب ، لدرجة بات فيها الأردني يستقي معلومات عن بلاده من مصادر أجنبية بما فيها من تشويه ربما يكون متعمدا أحيانا ، ولنقدر حجم الضرر الذي يمكن أن تحدثه مثل هذه المصادر خاصة إذا كانت تضمر عداء للأردن لسبب ما ، ونقارنه بما يمكن أن يحققه إعلام وطني منتم يصارح الشعب ويجيب عن تساؤلاته الحائرة .
إن ما يثير الدهشة هو أن البعض يدافعون عن قمع الإعلام بطريقة حربائية وأحيانا فجة ، بعد أن يكونوا قد دسوا السم في الدسم عبر مواقف وتصريحات لا تخفى على اللبيب الخبير .
لا يقولن أي من هؤلاء إنه مع الحريات ومع إطلاق الإعلام إذا كان له سجل سابق يثبت عكس ما يدعيه .
كيف نواجه التحديات الكبيرة التي نصارعها بما فيها ملفات الفساد من دون إعلام حر ، ومن دون مشرعين ومسؤولين يؤمنون بالحرية ؟.
على طاولات القضاة في الأردن قانون المطبوعات وقانون العقوبات وغيرهما ، فما هي حاجتنا لقوانين تكبل الإعلام وتلجمه وتحاصره من كل جانب ؟؟ .
كيف نضع القوانين في عهدة " بعض " هؤلاء المعروفة مواقفهم سلفا ..وهل من العدل فعل ذلك ..
لعمري إن هذا يذكرني بالمثل القائل : " لمن تشتكي حبة القمح إذا كان القاضي دجاجة" ؟ .
د.فطين البداد