عن تقرير الاحصاءات العامة وموقف الاعيان من قانون الضريبة
لا يمكن تفسير افراج دائرة الاحصاءات العامة عن نتائج مسحها الأخير بشأن نفقات ودخول الاسرة الاردنية الخميس ، والذي أجرته الدائرة على مدار عام انتهى في الحادي والثلاثين من تموز الماضي بمعزل عما جرى في جلسة البرلمان الاخير .
نقول ذلك ، لأن جدلا وقع في مجلس النواب يوم الاحد الماضي ( الجلسة كاملة بالفيديو في زاوية حديث الكاميرا ) بعد أن اتهم نواب الحكومة بأنها تقدم أرقاما متضاربة حول نسبة الذين لن يطالهم قانون الضريبة الجديد لعدم وصول دخولهم الى الحد المطلوب .
فقد انتقد بعض النواب الرقم الذي اعلنه رئيس الحكومة الدكتور عمر الرزاز والرقم الذي اعلنه نائبه الدكتور رجائي المعشر ، وهما 87 % - 89 % مما اضطر الرزاز الى توضيح ذلك ، حينما اعتبر بأن كلا الرقمين صحيح ، حيث إن أحد الأرقام اعتمد على نتيجة مسح دائرة الإحصاءات العامة ، بينما اعتمد الرقم الآخر على نتيجة مستقاة من دفاتر الضمان الاجتماعي ، شارحا بأن أرقام الضمان تكون في العادة أوثق وأكثر دقة لأنها تعتمد على معلومات دفترية محصورة ولا خلاف عليها ،بينما تكون أرقام الإحصاءات مهنية ، نعم ، ولكن أقل دقة بسبب أن المسح يكون ميدانيا ونسبة العاطلين عن العمل والعاملين وخلاف ذلك من قضايا فإنها تعتمد على المسح وليس على دفاتر وأوراق ، ولكنه في نفس الوقت أكد بأن الرقمين متقاربان .
تقرير الاحصاءات الذي اعلن عنه الخميس كان يفترض الاعلان عنه قبل بدء مناقشة النواب لقانون الضريبة ليتسنى لهم معرفة دخول العائلات وأوجه صرف الرواتب ومحور الاهتمامات الاسرية الاخرى ، ونقول ذلك لأن المساحة التي فتحها قانون الضريبة تناولت كل شيء من " الدكانة " الى " المول " ومن الاسرة الفرد الى الاسرة الكاملة ، وتطرقت الى الابنية ذات الملكية والأبنية المستأجرة وكل ما يهم النائب من معلومات حول دخل المواطن وماذا يفعل براتبه وتحصيلاته المالية من أية وجهة .
من اجل ذلك ، فإنه كان مفاجئا لي - كمراقب - أن ينشر التقرير بعد اقرار النواب للقانون ، وإعادة الأعيان له إلى النواب بسبب عدم موافقة الأعيان على تعديلات ادخلها النواب على القانون من غير نسبة الإعفاءات للأسرة والفرد ، وهو توقيت غير صحيح بالمرة .
الأعيان عدلوا تقاص المسقفات مع الضريبة ، ورفعوا ضريبة الصناعة ، ورفضوا اعتبار ارباح الأسهم ازدواجا ضريبيا ، وفي علم الإقتصاد فإن هذا كله سيضرب سوق المال والصناعات وقطاع الإنشاءات ويرفع الايجارات ويتسبب بهروب الاستثمارات في قطاع البناء والقطاعات الاخرى .
وإذا كانت أرقام الرزاز والمعشر واختلافها وتعليق الرزاز شخصيا على تقرير الإحصاءات هو الذي دفع بهذه الأخيرة لنشر التقرير فإنه كان لزاما على الحكومة من الاساس أن تأمر بنشر هذا التقرير قبل بدء النقاشات ..
أنوه في الختام ، إلى أن خلاف الأعيان والنواب على القانون سينتهي الى جلسة مشتركة ، وأرجح بأن موقف الأعيان سيفوز في النهاية ، وذلك استنادا إلى تأريخ الجلسات المشتركة ، وإذا حدث ذلك فإن كل النقاشات وشد الأعصاب والصراخ والاتهامات وتسجيل المواقف الذي شهدناه في جلسة اقرار النواب للقانون وما قبله وما بعده سيذهب سدى ، ليعود المواطن الأردني القهقرى ، اي حيث كان قانون هاني الملقي باستثناء بعض الرتوش .
د.فطين البداد