العد التنازلي لفواتير الضريبة في الاردن
كما كان متوقعا ، فقد أقرت الحكومة نهاية الاسبوع الفائت النظام المتعلق بالفوترة والرقابة على الدخول ، حيث أرسلت النظام لديوان التشريع .
والفوترة المذكورة ، تهدف كما هو معروف لحصر الدخول ، وبالنسبة للحكومة فإن الهدف هو الحد من التهرب الضريبي .
أي أن على الجميع الآن الاستعداد لتنفيذ ما ستتفتق عنه العبقرية الجبائية حيث سيقف هذا النظام بالمرصاد لأي تجارة رابحة صغرت ام كبرت وتحت طائلة قانون الضريبة القاصف العاصف .
ولكن ما يثير في الخبر أنه تضمن تصريحا وتلميحا في آن :
ففيما يتعلق بالتصريح ، قالت الحكومة وبالمسميات ، بأن اي ميني ماركت او سوبرماركت يقل دخله السنوي عن 75 الف دينار فإنه معفى من اصدار فواتير ببضاعته وبدخله ، وقس على ذلك الدكاكين العادية وغيرها ، وسمت الحكومة" ضمنا" الميكانيكية واصحاب الكاراجات والاعمال الحرة الاخرى ممن تقل دخولهم عن 30 ألف دينار ، حيث إن هؤلاء معفون كذلك من اصدار فواتير ببضاعتهم .
أما التلميح ، وهنا مربط الفرس ، فقد قالت إن الإعفاء من الفواتير يشمل أي فئات أو جهات تخضع للتعليمات التنفيذية .
ونقول : إنه كان بوسع الحكومة تسمية الأطباء والمهندسين والمحامين الذين هم هنا " اي جهات أخرى " فماذا ستقول لمن يزاول ايا من هذه المهن ودخله السنوي أضعاف أضعاف ما حددته في الإعفاء من الفواتير ..؟
نعلم ، وتعلم الحكومة أن هناك أعضاء نقابات مهنية يتقاضون مبالغ طائلة ، وإذاما اخذنا الاطباء مثلا او المهندسين او المحامين كاختيار عفوي ، فإن هناك العشرات بل والمئات ممن لا يتمكن المواطن الاردني من الحجز لديهم الا بعد مضي اسابيع بسبب زحمة المواعيد ، وكثافة العمليات إلخ ، فكيف سيتم التعاطي مع هؤلاء ، وبأية فواتير وكيف ، أم أن ضريبة الدخل ستقول للأطباء الأكفاء والمهندسين الأكفاء والمحامين المحترفين : ادفعوا أو اغلقوا !.
تصريحات البنك الدولي بخصوص الاردن عال العال ، وها هو يوافق لنا على قروض بالمليارات إكراما لعيون قانون الضريبة الذي بدأت الشركات وكل من يطالها لسانه وعصاه بالإلتزام به تحت طائلة العقاب ، وإذا كانت الأوضاع الاقتصادية وقوانين الاستثمار العرجاء والبنى التحتية فعلت أفاعليها بالإستثمار ، فإن قانون الضريبة سيفعل ما تبقى من الأعاجيب المعروفة والمجهولة ، مذكرين هنا بأن رضا البنك الدولي والصندوق عن الحكومة لن يستمر طويلا .
وكما يبدو ، فإنه واستعدادا لاستحقاقات الصندوق القادمة ، فقد بدأ العزف بشكل غير مباشر على أعداد موظفي القطاع العام ، حيث بدأنا نسمع عن وجود 100 ألف موظف حكومي فائضين عن الحاجة ، فما المقصود من هذه التقارير الآن ، في هذه الظروف البائسة التي تعتمد فيها الحكومات على جيوب الناس ، دون أن تعي أو تفهم بأنها جيوب فارغة أصلا .
بداهة ، هي جيوب فارغة أللهم إلا من أكف خشنة اندست اصابعها فيها وهي ترتجف متعللة بالبحث عن الدفء ، بينما هي في الحقيقة تتفقد بضعة قروش ادخرت لشراء أرغفة معدودة من الخبز ...
الخبز الحاف طبعا !.
د.فطين البداد