التعديل والقرض الجديد .. بالمختصر المفيد
لأن الملف ساخن بامتياز ، نعيد القول بأن التهديدات باغلاق مضيق هرمز وضرب ناقلات النفط التي طالما تبجحت بها ايران تحولت الى مداهنات مضحكة ، بعد أن رأت الحزم والعزم الذي يحدث الآن .
وبدلا من ان يكون الرد الايراني على منع ايران من تصدير نفطها بمنع مرور اي ناقلة وفق التهديدات الجوفاء السابقة نراها اليوم تؤكد بأنها لن تعيق حركة الملاحة الدولية في الخليج وسواه ، وتصدر اشارات من مسؤولين كبار عن رغبة في التفاوض ولكن بشروط .
الشروط التي يتحدث عنها الايرانيون ذات سقوف مرتفعة يعلمون بأن تحقيق أي منها لن يتم البتة ، ومنها العودة للاتفاق النووي .
وحتى إذا تمت الاستجابة لهذا الامر " الخيالي " فإن ايران تكون قد لحست كل تصريحاتها عن أن اي حرف في الاتفاق هو خط أحمر .
وكما يبدو ، فإن الاوروبيين سيكون لهم الآن سبق الوساطة لحلحلة الازمة ولكن ضمن ماء الوجه الايراني والمبادئ الترامبية ولربما ينجح هذا المسعى أو يخفق وهذا أمر رهن بتطورات الموقف الذي قد ينزلق الى الهاوية جراء أي غلطة قد ترتكبها ايران أو أي من حلفائها في المنطقة ، وهو ما يستبعده مراقبون نظرا للقدرات الايرانية مقارنة بقدرات الولايات المتحدة .
شاهدنا في الايام القليلة السالفة كيف تحول التهديد الايراني بقصف القواعد الامريكية وتدمير السفن والحاملات ، وهي التهديدات التي كنا نسمعها أيام اوباما ، كيف تحولت بليلة وضحاها إلى تصريحات من نوع " امريكا لن تجرؤ على مهاجمتنا " وبذلك بات المهم الآن أن تنفذ ايران بجلدها من هذه الورطة التي نعتقد أنها لن تصل الى اعلان حرب ، ومع ذلك سكت المجعجعون ، وخرست السنتهم التي طالما هددوا فيها دول المنطقة والعالم ، وبات المسؤولون الايرانيون مثل الحملان الوديعة بعد ان رأوا العين الحمراء .
وعلى ذكر " العين الحمراء " فإننا رأينا كيف أن الحرس الثوري فسر دعوة ترامب للحوار بأنه ضعف امريكي سيتكرر ، مع أن ترامب قال بلغة صارمة : " على الإيرانيين الاتصال بي أذا ارادوا الحديث عن اتفاق نووي " فتحول هذا التصريح الى ضعف امريكي ، في الوقت الذي وضع ترامب هاتف البيت الابيض لدى السويسريين .
ولقد سمعنا في الايام القليلة الماضية تصريحات ايرانية للداخل وللخارج ، أما التي للداخل فمن قبيل أن ايران قادرة على الرد ، وللخارج من قبيل أننا نقبل التفاوض بشروط ، ولن نفتعل اي احتكاك مع الامريكيين لا نحن ولا حلفاؤنا في اليمن والعراق ولا في لبنان ، ونرى الآن كيف يصمت نصر الله صمت القبور ، وكذلك انخرس لسان عبد الملك الحوثي وألسنة كل من هادي العامري ، زعيم تنظيم بدر الايراني في العراق ، وابو ماجد المهندس ، زعيم العصائب ، والنجباء وحزب الله العراقي وغيرهم من أذيال خامنئي وخدمه في العراق وفي لبنان وفي اليمن وفي سوريا وفي عموم المنطقة ، أولئك الذين كانوا يصرخون مهددين متوعدين بتدمير قواعد أمريكا وقتل جنودها ، وهي لحظات فارقة تاريخية صادمة لكل من انخدع بالقوة الايرانية التي لا تقهر ، وبالرد الايراني على منع تصدير النفط الذي لا تحده سقوف ولا حدود .
ويرى العالم الآن كيف أن ايران تتلقى الضربات الاقتصادية الموجعة وهي خانسة ذاهلة بعد كل ذلك الجبروت المزيف الذي انطلى على العرب جميعا لولا الشجاعة العربية الصارمة التي قادها التحالف العربي في التصدي لمشروع ايران في اليمن وعموم المنطقة ، ولولا هذا التصدي للحق اليمن بالعواصم العربية التي تفاخر الايرانيون أنهم ابتلعوها .
ولقد رصد المتابعون مؤخرا ، كيف أن احد أركان النظام قال عبر برنامج بث مساء الجمعة على احدى القنوات الاخبارية بأن الكثير من العرب شامتون بايران ، وتجيبه حناجر عشرات آلاف الاسر السورية واليمينة واللبنانية والعراقية التي شتتها نظام الملالي ودمر مدنها وقراها وأحرق أرضها وناسها وشجرها وحجرها ، تجيب بملء فيها : نعم ، نحن شامتون بكم أيها القتلة السفاحون ، وليس بالشعب الايراني المظلوم والمقموع بحرسكم الثوري وملاليكم وعسكركم الجبان الذي بات يتلقى الصفعة تلو الصفعة فيدير الخد الآخر ، ليس تسامحا وتواضعا ، بل جبنا وخزيا وشنارا وعجزا ..
إلا أننا ندرك ، أنه وبرغم كل هذا التصعيد الذي نراه ،فإن الحقيقة هي أن كل هذا الضغط الذي يمارس على ايران مرده الرغبة الامريكية والغربية في احتواء جموحها ليس إلا ، أما الحرب الشاملة فمستبعد وقوعها ،مع احتمال تسجيل بعض الحوادث التي ستكون مقدمات مقبولة لبدء الحوار على البرنامج النووي والصاروخي ، وفي كلتا الحالتين فإن ايران هي الخاسرة ، وخسارتها بالتأكيد تصب في صالح العرب بلا جدال ، لأن المشروع الايراني مشابه في خطورته للمشروع الصهيوني الذي سيتحفنا ترامب بذروته بعد ايام من خلال صفقة القرن العتيدة التي ستكرس التبعية والهيمنة الصهيونية إلى الابد .
جى بي سي نيوز - الاحد 12-5-2019