الاستقلال وما تخبئه صفقة القرن
يحتفل الاردنيون في الخامس والعشرين من ايار في كل عام بذكرى الاستقلال ، وهذه الذكرى التي صادفت السبت هي الذكرى الثالثة والسبعين حين سطع نجم الدولة الاردنية ليكون نبراسا للعز والفخار والسؤدد بقيادته الهاشمية وبشعبه الابي ، وهو يوم أغر في تاريخ هذا البلد العزيز الذي يعيشه الاردنيون بكل فرح وبكل انتماء لترابه وولاء لقيادته المظفرة .
وتجيء ذكرى هذا العام في ظرف دقيق تعيشه المنطقة في غمرة الاعداد لصفقة القرن التي لو قدر لها أن تمضي لأكلت الأخضر واليابس وقضت على آمال الشعب الفلسطيني في العودة والتحرير والدولة المستقلة ، ولشكلت خطرا داهما على هذا البلد لما تتضمنه من مخططات يعيها الاردنيون جميعا ملكا وحكومة وشعبا ، والتي بسببها أطلق الملك لاءاته الثلاث : لا للوطن البديل ، لا للتوطين ، لا لتهويد القدس والتخلي عنها ، وهو موقف يسجله التاريخ بأحرف من نور .
ولما كان قدر الاردن ان يمشي دائما على الحافة ، حيث سبق واجتاز مختلف الصعوبات والمؤامرات المرئية والمخفية ، رغم خطورة بعضها بكل ما تعنيه الكلمة من معنى ، إلا أن الخطر الماحق الساحق سيكون في هذه الصفقة المشؤومة التي يتغنى بها ترامب وكوشنر وبولتون ، بينما لا يعرف عنها ابناء المنطقة شيئا باستثناء الكيان العبري الدخيل ، مما يتطلب حشد كل الطاقات والوقوف خلف القيادة التي عبرت عن الاردنيين خير ما يعبر به قائد عن شعبه ، حيث وقف جلالته كالطود الشامخ في مواجهة كل الضغوط ، ولأن الأمر جلل ، فإن التحشيد خلف جلالته لا يجب ان يتوقف لحظة لنعزز بذلك وحدتنا الوطنية ولنرسل رسالة للعالم أجمع بأن تمرير الصفقة لن يتم على حساب الاردن ، ولا على حساب فلسطين ولا حساب الاقصى أولى القبلتين الذي هو في مركز القلب من كل هذا الذي يحاك ضده وضد المنطقة عموما .
ولا يجب ان ننسى في غمرة احتفالاتنا بيوم الاستقلال أن صون هذا الاستقلال هو من مسؤولية الجميع بلا استثناء ، والحفاظ على الوحدة الوطنية وعلى القضية الفلسطينية والقدس مسؤولية دينية ووطنية وتاريخية ، فلا تنس أيها الاردني الابي من مختلف المنابت والأصول : أنك على ثغرة من ثغر الاردن والأمة فلا يؤتين من قبلك .
د.فطين البداد