أين وعود الحكومة ولماذا زادت المديونية في 2019 ؟
كما سبق وقلنا في اكثر من مقال ، فإن الموازنات الحكومية التي تقدم لمجلس الامة بشقيه ليست سوى تقديرات نكتشف مع الوقت بان ارقامها وضعت بطريقة بدائية .
فإذا كانت تقديرات ضريبة المبيعات وتحصيلات الجمارك في واد ، وما تحقق في واد ، كما اكتشفنا الاسبوع الماضي ، فإن هذا يعني بأن " ترويج " الموازنة كان هو السبب الأول للحكومة وليس وضع النواب والاعيان وبالتالي الشعب الاردني أمام ارقام حقيقية .
وإذا اعترفت وزارة المالية بضرورة تحسين الاداء المالي ، إلا أن الوزارة حاولت مرة اخرى الالتفاف على الحقيقة عندما أكدت ارتفاع الايرادات بأكثر من 100 مليون خلال الربع الاول من هذا العام 2019 ، وقد فاتها وفات مسؤوليها بأن هذا الارتفاع سببه العائدات النفطية التي لا تتوقف اصلا ، بالاضافة الى ما سبق واشرت اليه في مقال سابق وهو أن موازنات وحدات مستقلة ومؤسسات اخرى تم ادخالها في الموازنة العامة ، وهو سبب واضح لهذا الارتفاع .
ولأن شر البلية ما يضحك ، فإن ممثلي الحكومة لم يستطعوا اخفاء حقائق كان لا بد لهم من الاعتراف بها امام اللجنة المالية النيابية التي عقدت اجتماعها معهم الاسبوع الفائت " اللقاء منشور بالفيديو على المدينة نيوز " عندما تحدث وزير المالية عن انخفاض في تحصيلات ضريبة المبيعات ، ولم يقل إن هذا مؤشر على عدم قدرة الناس على الانفاق ، سواء في هذا الباب ، أو في الباب الآخر الذي هو سوق العقار حيث تراجعت تحصيلاته بحوالي 6 % ، وإذا بحثت عن السبب فستجد العجب ، إذ يتبين لك بأن الأنظمة التي تسنها الحكومات من شأنها ضرب هذا القطاع في الصميم ، الأمر الذي دفع بالرزاز الى تعديل النظام " نظام الأبنية " بعد أن أدرك متأخرا هذه الحقيقة وبأن قطاع العقار يرزح تحت الركود .
واللافت ايضا ، وعلى لسان الوزير ، أن عوائد التبغ انخفضت بحوالي 70 مليون دينار ، ولن يقنعنا أحد بأن الاردنيين لم يعودوا يمارسون التدخين بعد تسيدهم المرتبة الاولى عربيا والثالثة عالميا ، إلا أن " التهريب " قد يكون أحد أهم العوامل في انخفاض هذه العائدات ، علما بأن ايرادات الحكومة من التبغ سنويا تبلغ مليار دينار ، وإذا كانت الحكومة عقدت عشرات الورش والمؤتمرات الصحفية من اجل اقناع الناس بتحرير الخبز جراء 50 مليون دينار فماذا تراها ستفعل من اجل تعويض الـ 70 مليونا التي خسرتها من عائدات التبغ ؟؟ .
والرقم الصادم الآخر الذي لم يعلق عليه احد للاسف على حد علمي ، هو أن الدين العام ارتفع بقيمة 600 مليون دينار في الربع الاول من هذا العام 2019 ، اي ان كل ما قيل لنا عن تحسن في الاداء ليس سوى ضحك على الذقون .
لن تعدم الحكومة من وسيلة في سبيل زيادة ايراداتها وبطرق لا تخطر على بال الجن الازرق ، حيث تقول الحكومة ان سبب انخفاض عوائد المحروقات وهي مليار دينار سنويا يعود لسيارات الهايبرد ، وبأن الانخفاضات على ضريبة المبيعات سببه التجارة الالكترونية حيث توعدت وزارة المالية الاردنيين بتنظيم هذه التجارة ، بمعنى ، أن الحكومة تبحث عن أي منفذ هواء للمواطنين مهما كان ضيقا وترغب بإغلاقه ولو برأس دبوس ، حيث يخرج علينا جهابذة الاقتصاد بتبريرات وتعليلات ما انزل الله بها سلطان ، وبعد أن ينفذ الوزير تهديده بتنظيم التجارة الالكترونية فإن اي باب للنشاط الاقتصادي الخلاق والمبتكر ، وأي بديل لجأ إليه الاردنيون من اجل الخروج من ضائقتهم سيكون هباء منثورا وفي مرمى الحكومة وأجهزتها الرقابية التي لن تسمح لك باستيراد قصاصة اظافر ، من دون أن تدفع رسما عليها حتى لو جاءتك بالبريد .
وأريد من القارئ الكريم أن يتعرف على مقترحات الوزارة لزيادة الايرادات والخروج من هذا المأزق ، وأترك لكم الحكم ، حيث يقول الوزير : إن على الحكومة مراجعة الاعفاءات الضريبة للمناطق التنموية وللمستثمرين ..
الاعفاءات والاستثمار ؟؟؟
هكذا بكل وضوح ، ما يعني أن الحكومة تقول للأستثمار في الاردن : باي باي لندن .
أمام هذه العقلية ، فإننا لن نستغرب لماذا ازدادت المديونية 600 مليونا في الربع الاول من هذا العام .
حمى الله الأردن .
د.فطين البداد