المضادات الحيوية في الاردن
لفتني تقرير نشرته بترا مؤخرا عن توصية لوزارة الصحة في الاردن يتحدث عن عدم استخدام المضادات الحيوية بدون وصفة طبية .
واذكر الوزارة هنا بأنها هي نفسها شكلت لجنة في العام 2019 لهذا الغرض ، بل إنها في العام 2018 عممت بمنع صرف المضادات الحيوية بدون زراعة من قبل الطبيب ومن ثم وصفة طبية للصيدليات .
كما وأذكرها بأن منع صرف المضادات الحيوية بدون وصفة طبية اجراء تتبعه كل الدول المتقدمة في العالم ، وبصراحة ، فإنه من الغرابة ان يكون الاردن المشهود له بالتقدم الطبي المتميز متأخرا في الرقابة على قرارات تمنع صرف المضادات من دون وصفة طبية .
اللجنة المشكلة لدراسة هذه الظاهرة وآثارها تضم متخصصين وخبراء اوبئة وجامعات واطباء بيطرة وصيادلة ، والهدف وضع بروتوكول يتم تنفيذه في مستشفيات وزارة الصحة ويشتمل على خطوط عريضة لسياسات علاجية تتعلق بتقليل وترشيد صرف المضادات الحيوية وجعلها في حدها الادنى في مختلف صيدليات الوزارة ومستشفياتها حيث بدأت المرحلة الاولى بمستشفيات البشير وحمزة والكرك كمقدمة لادخال مستشفيات اخرى في العملية الترشيدية التي تم التعاون بشأنها مع منظمات دولية وفق تقرير نشر مؤخرا .
إلا أنه وعلى حد علمي ، فإن توصية الوزارة جاءت استجابة لنداء منظمة الصحة العالمية الذي حذرت فيه من وجود اجيال جديدة من البكتيريا تقاوم المضادات الحيوية ، بل ان خبيرة اردنية قالت بكل صراحة : إن الوضع وصل الى مستويات خطيرة جراء الاستخدام غير العلمي لهذه المضادات .
وبرغم ان اللجنة باشرت عملها في منتصف 2019 كما قلنا ، وأيضا ، برغم أن الوزارة اصدرت القرار المذكور ، إلا أنه لا يزال بإمكان اي شخص الذهاب الى اي صيدلية وشراء المضاد الحيوي الذي يريده .. معنى ذلك ، أن الوزارة وخططها في واد ، وما يجري على ارض الواقع في واد آخر ، والسؤال هنا :
هل هناك مافيات دواء تمنع تنفيذ قرار منع صرف المضادات الحيوية بدون وصفة طبية ؟؟..
هذا سؤال ، ولكن هناك سؤال في الاتجاه الآخر يقول : ماذا يفعل المريض الفقير الذي ليس بإمكانه دفع كشفية الطبيب وثمن الزراعة ، هل يتوقف عن العلاج اعتمادا على خبرة الصيدلي فيموت مرضا أو كمدا ، أم ماذا ؟؟ .
الأمر يتطلب حزما وحسما وايضا استثناء لبعض الحالات التي يجب ان يتم تفصيلها ، ويقول بعض مناصري الرأي الآخر : إما يكون الصيدلاني مجرد بائع بقالة فقط ينفذ توصية الطبيب ، وإما ان نستفيد من خبرة وعلم الصيدلي الذي يعرف بتراكيب الدواء ولكن في الحالات غير الخطيرة ..
اين المشكلة وما هو الحل الانجع ؟..
هذا ما يجب ان تبحث عنه الوزارة ونقابة الصيادلة لكي لا يموت الذيب ولا تفنى الغنم !.
د.فطين البداد