رسالة الملك المكتوبة ..
كانت رسالة من القلب الى القلب ، بقدر ما تحمل من دفء وحب بقدر ما ترشح من ألم .
كان لا بد للرسالة الملكية من أن تخرج بعد ايام من اللغط والقراءات المختلفة ، وأحيانا التحريض ، غير أن الرسالة التي جاءت مكتوبة قالت ما يريد سماعه الأردنيون وما بحثوا عن إجابته منذ الاعلان عن الفتنة حتى وأدها .
كان الاردن كله يقف مشدوها من تفاصيل غير متوقعة ، ولم يكن الأقليم ولا العالم بأقل تفاعلا مع ما اعلن عنه وزير الخارجية من تفاصيل ، وبسبب مكانة هذا البلد على الساحة الدولية وموقعه وأهميته الاستراتيجية سارعت مختلف دول العالم إلى الاعلان عن تضامنها مع الأردن ومع شخص الملك عبد الله الثاني ، وليس غريبا أن تكون الولايات المتحدة أول المعلنين عن هذا التضامن بسبب العلاقات التاريخية التي تربط البلدين ، وأيضا ، وهذا هو الأهم ، بسبب أن الولايات المتحدة إذا قالت فإن جهيزة تكون قد قطعت قول كل خطيب ، ويدل في هذا السياق أيضا ، الاتصال الذي اجراه بايدن مع جلالة الملك عقب اعلان الرسالة المكتوبة ونشرها .
أمام الأردن استحقاقات لا بد من الاعداد لها منذ الآن ، فعقب هذه الفتنة الصادمة ، وطالما أن الأمور عادت إلى نصابها ، وتم وأد الفتنة في مهدها ، فإنه لا بد من البدء وفورا بالاعداد للأصلاح وعلى رأسه قوانين الأحزاب والانتخاب والادارة المحلية ، وهي ملفات تحدث عنها الملك أكثر من مرة ، وآخرها قبل حوالي الشهرين .
لقد تجاوز الاردن أخطارا كبيرة خلال المئة عام الأولى من عمره المديد ، وظل هذا البلد العربي الهاشمي قويا عزيزا بشعبه الأبي ، وجيشه العربي المصطفوي ، وأجهزته الأمنية الباسلة بكل مسمياتها ، ويكفي أننا قرأنا في رسالة الملك المكتوبة التزاما بإرث هذه الأسرة الهاشمية المباركة تجاه فلسطين والقدس والاقصى .
ملك يحمل على كتفيه جبالا من الضغوط ليتخلى عن فلسطين فيأبى حفاظا على الاردن وعلى فلسطين معا ، وحفاظا على القدس وفلسطين ، معززا ما وعد به شعبه بلاءاته الثلاث : لا للتوطين ، ولا للوطن البديل ، ولا لصفقة القرن ، وإنه لشرف ما بعده شرف ، أن يقف الاردنيون بكل أطيافهم ، خلف قيادتهم المظفرة التي عالجت ملف الفتنة بالحكمة والحنكة والاقتدار .
حمى الله الاردن .
د . فطين البداد