ملاحظات على قانون البلديات واللامركزية الجديد
تابعت خلال الأيام السالفة بعض النقاشات التي تدور بشأن قانون البلديات واللامركزية للعام 2021 .
بداية ، فإن الإصلاح الذي ينشده الأردنيون برعاية جلالة الملك وضمانته يتطلب أن يتم الاستماع لكل وجهات النظر المقدمة بشأنه ، ولقد فوجئت بحجم الإرباك الذي تعرضت له المجالس المنتخبة في القانون السابق وكيف أنها كانت تمشي على الحافة ، وتضع الاستراتيجيات والحلول والمشاريع ، لتفاجأ بأنه لا سلطة لها في تنفيذ أي شيء ، ما أفشل التجربة في كثير من المحافظات ، وهو فشل لا تتحمله المجالس التي انتخبت وأعضاؤها فقط ، بل تتحمله الحكومات ومجالس النواب التي شرعنت قوانين مطاطة يقول قانونيون إنه لا يمكن استساغتها أصلا فما بالكم بتطبيقها .
مجالس المحافظات ، وفق اصحابها ، نجحت في مهماتها كما يزعمون لولا تدخل الحكومات التي فشلت في إدارة هذا الملف ، ويقفز إلى الذهن هنا سياسة الحكومات المالية في تنفيذ مشاريع اللامركزية ، وكما يبدو ، فإن "التعليمات" التي يصدرها وزراء المالية لمجالس المحافظات باتت اقوى من " القوانين" ذاتها ، وهذه مهزلة فعلا ، ومثال على ذلك أن صلاحية المجالس في الصرف على المشاريع شرعنها القانون السابق ، على اعتبار أن رئيس لجنة المحافظة يتمتع بصلاحيات وزير المالية بنص القانون ، ولكن الحكومة كانت تتدخل في كل دينار يصرف في اي مشروع من خلال " التعليمات " رغم أن الصرف تحت رقابة ديوان المحاسبة ، يضاف إلى ذلك أيضا أن ما يرصد من موازنات على الورق من قبل الحكومة لا يتم تطبيقه في الواقع ، مما فاقم حجم الثقة وبالتالي الإنجاز في أي من المشاريع التي عرضت أو قيل عنها وبعضها بالملايين .
والمعضلة الكبرى التي ستواجه تطبيق القانون الجديد الذي نحن بصدده : " البلديات واللامركزية " هي أن البلديات لها قوانينها ، ولها مرجعيتها الوزارية ، والمزارعون لهم قانونهم ووزارتهم إلخ .. وبالتالي فستواجه المجالس نفسها عقدا لا حل لها إذا استمر تضارب القوانين والمرجعيات ، لأن كلا من الجهات المنضوية في الإدارة المحلية لها أولوياتها وبالتالي فإن المجالس المنتخبة ستكون من جديد تحت مطرقة هذا التناقض ، ناهيك عن أن كل العطاءات لا زالت مركزية كما قال أحدهم وهو ما يعيق الحركة ، بالاضافة إلى ان المشكلة القديمة ستتكرر من خلال القانون الجديد الذي نص على أن تودع الأموال في البنك ، ولكن المستغرب أنه لم يتم تحديد جهة الصرف من هذا الحساب .. اي أننا لم نفعل شيئا ولم نطور شيئا وسنعود القهقرى .
هذه جملة من الملاحظات التي ارغب في أن يطلع عليها الأخوة في اللجان التي تدرس مشروع القانون ، ونأمل في أن يتم التغلب على كل القضايا التي تعيق اللامركزية التي باتت ضرورة قصوى لا مجال لإفشالها لأسباب كثيرة لا تخفى على أحد .
حمى الله الأردن .
د . فطين البداد