هل يفعلها الأردن ويشطب كامل ديونه كما فعل السودان ؟
كان نبأ سارا للسودانيين ومفاجئا لهم ولغيرهم ذلك القرار الصادر بتأهيل السودان لإعفائها من ديون قدرها 23 مليار دولار بموجب اتفاق " هيبيك للدول الأشد فقرا بين البنك الدولي وصندوق النقد الدولي ، وهي مقدمة لإعفائه من جميع ديونه البالغة 60 مليار دولار .
بهذا الإعفاء ، إن تم ، سيتمكن السودان من " اقتراض " أموال من صندوق النقد أيضا ، وقد اعلن عن 3 مليارات ستكون أولى الدفعات التي ستصل إلى هذا البلد وبذلك سيحق للسودان طلب هذا القرض في المرحلة الأولى بعد عام من تنفيذه شروط الصندوق .
لا نستطيع الحكم على هذا القرار الذي استفاد منه تاريخيا 36 دولة فقيرة عبر العالم ، إلا بأنه مكافأة للحكومة وللإشتراطات التي التزمت بتنفيذها وعلى رأسها طبعا الإعتراف بالكيان الصهيوني وتطبيع العلاقات نظير استحقاقات مالية لم يقبض منها السودان شيئا سوى الإعفاء المكلل بإعادة الإستدانة ، بعد شطب اسمه من قائمة الأرهاب الأمريكية .
كيف سيستفيد السودان من هذا القرار ومتى ؟؟..
كما قلنا ، فإن هذه الإستفادة لن تتم قبل حوالي ثلاث سنوات من تنفيذ شروط صندوق النقد المضنية التي كان آخرها قبل أيام ، حين تم تحرير اسعار المحروقات مع قرارات قاسية أخرى ، والإعلان الذي صدر عن البنك وصندوق النقد جاء بـ " تأهيل " السودان للإستفادة من هذا الإعفاء وليس الإعفاء نفسه ، ولكن هذا يعتبر مكافأة كما قلنا لكون السنوات الثلاث أو الأربع على ابعد تقدير ليست مدة طويلة في عمر الدول ، ولكن الأهم فيها هو قدرة السودان على تنفيذ الشروط القاسية التي ستكون المعيار الأوحد لاستفادته من عدمها .
من يعرف السودان في عهده الجديد بعد الثورة يدرك بأن الأستفادة من إعفاء كل الديون سيظل حلما شعبيا ورسميا إذا أخذنا في الإعتبار التقلبات السياسية التي تعيشها الولايات السودانية مترامية الأطراف ، وما يمكن ان يحدث سواء في وحدة البلاد أم في استمرار الوئام المشكوك فيه بين العسكر وبين حكومة الشيوعيين الذين يتربعون على كرسي القرار السياسي المدني الآن ، أو حتى بين العسكر ممثلا بالجيش والرجل القوي حمدوك الآمر الناهي على قوات التدخل السريع الموالية لشخصه .
وهناك مشكلة أخرى ستواجه السودان في حال استقرت الأوضاع وتم تنفيذ الشروط ، ونتحدث هنا عن مواقف الدول الدائنة نفسها التي هي صاحبة القرار الفعلي ، والتي يعرف العارفون بأن مواقفها " السياسية " قد تكون عونا أو برميل بارود في غرفة الوئام السوداني على المدى المنظور ، حيث إن لكل دولة دائنة رؤيتها ومصالحها وأهدافها سواء في السودان أو في عموم افريقيا .
وأيا كان الأمر ، ولأن الأردن ليس لديه ما يخسره ، فإنه مدعو للسعي إلى شطب كامل ديونه ايضا ، إذا علمنا بأن آخر تقرير رسمي قال بأن نسبة الدين للناتج الأجمالي ارتفعت إلى 105 % وكفى به رقما مرعبا .
يمتلك الأردن بموقعه وبأهميته وعلاقاته الدولية مفاتيح أولية للمساومة وشطب ديونه ، فلماذا لا نجرب ؟ .
حمى الله الأردن .
د . فطين البداد