الليبرالية العلمانية وتشويه التراث
مجرد مرور الكرام على اليوتيوب أو غيره عبر شبكات التواصل تصدمك تسجيلات لرجال وسيدات مختلفين ومختلفات يتحدثون ويتحدثن عن تفسيرات غريبة وعجيبة لآيات قرآنية أو احاديث نبوية ما أنزل الله بتفسيراتهم هذه من سلطان ، ولا يقصد منها إلا تشتيت الأفكار و" دحش " المفاهيم في النشء وفي الكبار ، بهدف حرف الناس عن دينهم ومعتقداتهم وبطريقة فجة ومنرفزة وخطيرة .
إحداهن خرجت بفيديو لتفسير جديد عن تعدد الزوجات ،" كاتب هذه السطور ضد التعدد لكي لا تذهبوا بعيدا " وأخرى عن إمامة المرأة في الصلاة وثالثة عن مزاعم ظلم الميراث ، ورابعة عن سن الزواج ، وخامسة عن وجوب وصول الكوتا إلى النصف ، وسادسة عن " المساكنة " ناهيك عن مئات إن لم يكن آلاف التسجيلات التي تجدف على التراث وتذهب بعيدا في العلمنة والدعوة لنبذ وإنزال كل موروث ديني من على رفوف المكتبات إن لم يكن من شبكة الانترنت بواسطة شكاوى متنوعة عن المحتوى وما شابه، وإذ بك وسط بحر هائج متلاطم في ظلمات ثلاث .
ولأن المقالة الصحفية ليست دراسة ولا كينونة ثقافية فإننا ندعو القراء إلى البحث ، وإلى تقدير حجم الهجمات على التراث المدججة بكل انواع الحماية التي تستخدم الليبرالية العلمانية وسيلة للهدم لا للبناء كما يفترض ، سواء من قبل أدعياء رموزها المزيفين الطارئين في كل بلد على حدة ، أو من قبل دعاة العصرنة وخلع الجذور ونبش القبور ، مع أن لليبرالية - منفصلة - مآرب أخرى وأهدافا أسمى .
يحدث هذا في معظم بلاد العرب للأسف ، أما مؤخرا ، فنشير على سبيل المثال لخروج إحداهن لتبث حزنها ولوعة قلبها على اضحية العيد متهمة من يقوم بالذبح بالقسوة وتدمير البيئة وعدم التسامح ومخالفة تعاليم حقوق الحيوان ، وفي نفس الوقت ، تخرج أخرى لتدافع وتنافح واصمة الرافضين بالجهالة والتخلف وبألفاظ من مثل " تبا لكم " .. هكذا بكل جسارة ، دون خوف من قانون الجرائم الألكترونية ولا العقوبات ولا المطبوعات ، ولا من دوريات الشرطة الألكترونية التي أعلن عنها .
وكما أن المطلوب هو تطبيق القانون على المتطرفين المتأسلمين الداعين للعنف والارهاب وتشويه الدين ، فإنه مطلوب كذلك تطبيقه على الذين يقال إنه تتم حمايتهم من قبل دول كبرى تسعى لتغيير التراث بالخنجر والعسكر والجندر وبواسطة منظمات وجمعيات يسعى" بعضها " .. نقول " بعضها " لتدمير الأنسان العربي والمسلم ودفن إرثه الثقافي والحضاري أو اقتلاعه من جذوره .
حمى الله الأردن .
د.فطين البداد