وزير المياه وأنهار المفرق والـ 50 مليون متر مكعب من اسرائيل
شاهدت تسجيلا مطولا لوزير المياه المهندس محمد النجار يتحدث فيه عن معاناة البلد من شح المياه ، وما يمكن أن تفعله الوزارة في هذا الصيف القائظ وانخفاض مخزون السدود والآبار. .
تحدث النجار بإسهاب عن هذا الأمر ، ولكن ما لفتني في التسجيل الذي بثته المدينة ما كشفه الوزير عن أن الاردن طلب من نتنياهو إبان رئاسته للوزراء شراء 8 ملايين متر مكعب من المياه ، لاحظوا : 8 ملايين ، أي كمية لا تذكر قياسا بالدول واحتياجاتها ، وكانت المفاجأة ، أن نتنياهو رفض بيع الاردن هذه الكمية ، واكتفي بعرض 3 ملايين متر مكعب فقط ، كنوع من الضغط على الأردن ومحاسبته بسبب مواقفه من القدس وفلسطين إلخ ..
وبمجرد خسارة نتنياهو للانتخابات ، ومجيء حكومة بينت ، وافقت حكومة الكيان على طلب جديد للأردن ببيعه 50 مليون متر مكعب ، ومن باب الفضول تتبعت ما قالته الصحافة الأسرائيلية عن هذه الصفقة ، فعللوها برغبة إسرائيل تحسين علاقاتها بالاردن بعد وصول هذه العلاقة بسبب سياسات نتنياهو ألى طرق مسدودة في أكثر من صعيد ومجال ، كما وإن بينيت شخصيا ، قال في تصريح صحفي أن اسرائيل حريصة على علاقات متينة مع الاردن ولن تخسر شيئا إذا ضخت هذه الكمية، منوها : أن كل شي بحسابه ، اي أن هذه المياه مدفوعة الثمن .
نتنياهو ،الذي بات في المعارضة الآن ، لم يصمت طبعا ، بل اتهم بينت بالضعف والرضوخ للابزاز وفق وصفه ، متهما أياه بالانصياع لأوامر خارجية لإتمام عملية البيع ، وهو ما يذكر بالتصريحات النارية التي كان يطلقها هذا اللص والمطلوب للعدالة ضد الفلسطينيين والاردنيين وتهديده المتكرر بضم الضفة والاغوار .
ولا يظنن أحد بأن بينت وحكومته الجديدة أفضل حالا وأكثر انفتاحا على علاقات جيدة مع الأردن أو الفلسطينيين ، ولكن كل ما يغيظ نتنياهو بات مشروعا في سياسة الحكومة الجديدة .
هم بالمحصلة ، مجموعة من اللصوص جاؤوا من اماكن بعيدة واحتلوا بلاد العرب والمسلمين ، وتحكموا بكل شيء بفعل القوة والغطرسة ومساعدة الغرب والشرق على السواء ، وفي النتيجة ، بات العرب يشترون المياه من الكيان ، ولكن ، أية مياه يا ترى ..
يجيب عن هذا السؤال ، رئيس مجلس النواب الأسبق المحامي عبد الكريم الدغمي الذي قال خلال التسجيل نفسه وأثناء مداخلة له مع وزير المياه ، بأن المياه الجوفية الموجودة في الصحراء الشرقية هي مياه جارية وليست راكدة ، (الدغمي هو ابن المفرق كما هو معلوم ) وبأن هذا الميلان يتجه صوب الغرب ، منوها بأن كل نقطة مياه في فلسطين المحتلة يستغلها الكيان قطرة قطرة في مزارع الأسماك والخضار والفواكه وغيرها ، بينما تخسر الشبكات الأردنية على طول البلاد وعرضها أكثر من نصفها ، أي أن نصف ما تضخه السلطة وشركة مياهنا يذهب هدرا في الأردن بسبب خراب وعدم صلاحية الشبكة ، وملخص ما قاله الدغمي وإن بطريقة غير مباشرة ، ووفق المضمون : بأن الـ 50 مليون متر مكعب التي اشتريناها من الكيان هي في الأصل لنا ، انسربت في باطن الأرض انهارا جارية مجانية لتعود إلينا على شكل امتار مكعبة ، وكل شي بثمنه .
مشكلتنا مع المياه " عويصة " وبحاجة لعقول وموارد وقبل كل شيء " إخلاص " في النية والعمل والاجتهاد لكي نحافظ على كل قطرة مياه اردنية ، مع التذكير بحقوقنا المائية على الكيان ، وهي حقوق غير قابلة لا للتنازل ولا للنسيان ، أما أكثر من هيك فتمتنع شهرزاد عن الكلام المباح بعد أن أدرك شهريار الصباح .
حمى الله الاردن .
د.فطين البداد