لماذا عقد الناصر مؤتمره الصحفي وتحدث عن البطالة بالأرقام ؟
الذي تابع المؤتمر الصحفي لمدير الخدمة المدنية في الاردن سامح الناصر ، يدرك حجم الغضب الذي انتاب الرجل ، أو بالأحرى سبب هذا المؤتمر الذي جاء مفاجئا ، ولكنه ضروري لوضع النقاط على الحروف .
الناصر ، في مؤتمره المذكور الذي يتحدث عن التشغيل والبطالة والخريجين ، وجد نفسه مضطرا لكشف الأرقام على حقيقتها ، بعد أن انصبت الانتقادات على إدارة الخدمة ومديرها بالذات عقب زيادة تكدس أعداد الخريجين العاطلين .
المهم ، كشف الناصر ، أن الحكومة ، أو جهازها ، بحاجة إلى ثماني سنوات لاستيعاب خريجي عام واحد ، فما بالكم وهذه السنة تتجدد سنة في إثر أخرى ، وهكذا دواليك .
من مجمل الأرقام التي كشفها الرجل ، أن هناك 423 ألف طلب توظيف في ديوان الخدمة ، واللافت ، وفق ما قال ، أن بعض التخصصات المسجلة لطلب الوظيفة ، لدى الجهاز منها ما يكفيه لمدة اثني عشر عاما .
وايضا ، كشف بأن نسبة المهندسين في الأردن ، من الخريجين ، هي من أعلى النسب في العالم قياسا بعدد السكان .
ومن الحقائق غير المفاجئة ما كشفه عن أن خريجين من حملة الدكتوراة والماجستير التحقوا بمؤسسة التدريب المهني .
وعقب ايراده هذه الأرقام والحقائق وغيرها من مثل التخصصات التي تصل بمجموعها إلى ألفي تخصص فرعي ، خلص إلى القول بأن ديوان الخدمة لا يتحمل وزر البطالة التي يعانيها الأردنيون .
هذا هو محور المؤتمر الصحفي الذي قلنا في استهلالنا لهذه المقالة إن هناك سببا لعقده الآن ، ولهذه القصة رواية غير منشورة علمت بها من مصادر مطلعة :
فخلال ورود كتاب من رئيس الوزراء لسامح الناصر يسأل عن رأيه في إحالة ما يصل إلى 1200 من المعلمين الذين استنفذوا سنوات التمديد وهي خمس سنوات ، كتب الناصر للرئيس بأنه لا بد من تقاعدهم ، وهنا ثارت ثائرة لجنة الشباب والتعليم النيابية التي استدعت الناصر وحملته مسؤولية البطالة التي سيعانيها هؤلاء ، وطلبوا منه التمديد للمعلمين المحالين ، إلا أن الناصر وبوجود وزير التربية الذي كان حاضرا في الاجتماع أكد بأن القانون سمح له بالتمديد لخمس سنوات ، وإنه تم استنفاد المدة ، اي لا وجهة قانونية لأي تمديد آخر ، وإنه تم لهم أصلا بسبب أنه جرى توظيفهم بمكرمة ملكية ، وحين وصولهم لسن الستين ، اي سن التقاعد للذكور ، و55 للإناث فقد تمت إحالتهم .
ولكن اللجنة النيابية أصرت على أن لا يخرجوا من وظائفهم إلا بعد ان يحصلوا على التقاعد ، ولم يفلح الناصر في اقناع اللجنة بان هؤلاء خدموا لعشر سنوات فقط ، وإنه لا يحق لهم التقاعد وفق قانون الضمان الأجتماعي ، وبرغم كل ذلك ، أصر النواب على رأيهم .
من أجل كل ذلك ، وجد الناصر وجهه للحائط ، وهذا هو السبب الذي دفعه لعقد مثل هذا المؤتمر بالتشاور مع الرئيس بالطبع ، وليؤكد للنواب وغيرهم أن عملية التوظيف في السلك الحكومي باتت شبه مستحيلة لوجود موظفين فائضين عن الحاجة .
الخلاصة : المعلمون الذين احيلوا على التقاعد قبل أن يتحصلوا على راتب تقاعدي معهم حق لأنهم الآن في الشارع ، والنواب الذين يطالبون الحكومة بإلغاء إحالتهم معهم حق ، والناصر ، من جهة أخرى ، معه حق ، لأنه لا يستطيع مخالفة القانون لا هو ولا وزير التربية الذي كان يجلس إلى جانبه في الاجتماع العاصف .
ولكن : كل هذا " كوم " ومطالب صندوق النقد بتقليص الكادر الحكومي " كوم " والمعنى ببطن الشاعر .
حمى الله الأردن .
د.فطين البداد