ورطة الإعلام
عندما يكون لديك 215 وسيلة اعلامية في بلد صغير مثل الأردن ، فأنت في أزمة .
لا نقول أزمة نشر ولا أزمة تفرد ك بمعلومة فحسب ، بل هي أزمة على تماس مع الأوكسجين الذي يمد الإعلام بالحياة :
إنه " التمويل " .
215 وسيلة إعلام متعددة هي كما أحصاها وزير الاعلام : 41 إذاعة ، 24 محطة تلفزيونية ، 128 موقع الكتروني ، 22 صحيفة يومية واسبوعية .
تتضخم قضية الإعلام بالقوانين التي لم تبق ولم تذر ، أما ونحن نتحدث عن التمويل ، فبالأمس فقط قررت الحكومة ألموافقة على نشر الاعلانات القضائية في ثلاث صحف يومية فقط في محاولة لمساعدتها .
وكما يقول الوزير فإن هذا العدد من الوسائل الاعلامية وجد نفسه مختنقا وسط مواقع التواصل عبر الفضاء الألكتروني ، اي أن الأيام التي كانت فيها المواقع الالكترونية تحصد ملايين المشاهدات ولت إلى غير رجعة بعد سيطرة التيك توك وانستغرام وغيرهما من التطبيقات على الساحة .
لا نريد أن نُقوِل الوزير فيصل الشبول ما لم يقل ، ولكننا نعتقد أنه بتصريحه الأخير حول أزمة الإعلام انطلق مما جرى في صحيفة الرأي قبل ايام ، حينما اعتصم الموظفون مطالبين برواتبهم ، وخاصة انتشار مقطع فيديو لأحدهم وهو يقدم على الانتحار بإحراق نفسه لولا تدخل زملائه .
لا تستطيع أغلب وسائل الإعلام في الأردن " أقصد المتعثرة منها وهي الأكثرية الساحقة " الاستمرار في ظل الأقتصاد المتردي ، وفي ظل كل المعيقات التي تعترضها من تلك المعروفة وغير المعروفة ، وكما علمنا ، فإننا سنشهد عما قليل تعديلا آخر يطال البث عبر الأنترنت كما كشفت الحكومة مؤخرا .
بإمكان عدد منها النجاة بالتمويل الذاتي المعتمد على مصادر من خارج الإعلام ، وهي معدودة على الأصابع ، ولكن إذا أردنا أن نصحح التوصيف بشأن الأكثرية الكاثرة ، فإن الإعلام ليس في أزمة كما قال الوزير ، بل في " ورطة " وفي مرحلة موت سريري داخل غرفة إنعاش بدون كهرباء .
حمى الله الأردن .
د. فطين البداد